الشهرة
الشهرة
كلما ارتفعت قيمة الإنسان قلَّ حصوله على الشهرة لأن الناس لا يستطيعون التمييز بين الطيب والخبيث، ومن عوائق الشهرة أيضًا الحسد من التفوق، حيثُ يثير الحسد الرغبة لدى الحاقدين في كبت أي جدارة موجودة عند الآخرين لأنهم عاجزون عن الاتصاف بها، ومن أساليب الحاقدين للحطِّ من الأعمال الجيدة هو مدح الرديء وتجاهل كل ما هو جيد، فالإنسان لا يمدح إلا ما يظن أن بإمكانه محاكاته، والشهرة السريعة تختفي سريعًا، أما الشهرة التي تدوم فهي تأخذ وقتها في النضج.
يعتمد احتمال تقبُّل الناس لأي عمل فني على سهولة العمل الفني أو صعوبته، ونوع الجمهور الذي يجذبه، إذ إن احتمال دوام شهرة أي إنسان يتناسب عكسيًّا مع سرعته في بلوغ الشهرة، فمع أن أغلب الناس يفضلون لاعبي السيرك عن الفلاسفة إلا إن أعمال الفلاسفة والملحنين والشعراء تدوم أطول، ويُقال أحيانًا عند وصف العباقرة إنهم سابقون لعصرهم، وهذا يعني أنهم سابقون للبشرية كلها، ففي زمن هذا العبقري لا يلتفت إليه سوى قلة من ذوي القدرات العقلية السامية أما البقية فيتجاهلونه.
إن مقياس الجدارة العقلية لأي جيل يُقاس بمدى تقبُّل أبنائه لأعمال معاصريه من العباقرة وليس فيما يظهر في الجيل من نوابغ، وللأسف نجد في تاريخ الآداب حصول المُدعين على التقدير وتجاهل العباقرة، إذًا على العباقرة عدم الالتفات إلى آراء مُعاصريهم، فقيمة المُفكرين الكبار لا تُكتشف إلا بعد رحيلهم، أما الأعمال قليلة القيمة فتنتشر لأنها تعبِّر عن الأفكار السائدة ولا تثير أي أحقاد. لكن لا ييأس أصحاب الجدارة لأنهم يؤمنون بحصولهم على الشهرة بعد الموت بسبب إدراكهم للصلة بين أعمالهم وبين الأجيال المُقبلة ويتطلَّعون إلى الحصول على التقدير والحب منهم.
الفكرة من كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
يكشف هذا الكتاب عن جانب مُختلف من الفيلسوف المتشائم شوبنهاور، وهو جانب الناقد الأدبي، وإن لم يخفت تشاؤمه وحِدَّته، ويحلِّل شوبنهاور في هذا الكتاب المشهد الأدبي من خلال ثمانية محاور تُمثِّل دليلًا لأي كاتب أو ناقد يرغب في التفوُّق لأن هذه المحاور ما زالت تبلغ نفس الدرجة من الأهمية الآن كما كانت وقت كتابتها.
مؤلف كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
آرثر شوبنهاور: فيلسوف ألماني وناقد أدبي، اشتهر بآرائه وفلسفته التشاؤمية، ودرس الفلسفة بجامعة جوتنجن، ثم انتقل إلى جامعة برلين حيث حصل على درجة الدكتوراه عن رسالته المُعنونة: “الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي”.
من مؤلفاته: “فن أن تكون دائمًا على صواب”، و”العالم إرادةً وتمثلًا” و”فن العيش الحكيم”.
معلومات عن المترجم:
شفيق مقار: كاتب وباحث وصحافي وإذاعي مصري نشرت كتاباته في مختلف العواصم العربية، وبُثَّت برامجه الإذاعية من القاهرة ولندن.
من ترجماته: “أبناء وعشاق”، و”الأم شجاعة وأبناؤها”.