الشلل والانهزام
الشلل والانهزام
إن حالة الانبهار بالحضارة المادية تخلق عند غلاة المدنية حالة من الشلل العقلي أمام كل منتج غربي، فيتمثّل الغرب في أذهانهم كعالم طوباوي مثالي يجب أن يسعى الجميع إليه، فيقعون في أخطاء منهجيّة، وأحكام فاسدة بسبب حالة العمى عن كل تقرير أو كشف يكشف الانحطاط الأخلاقي والجرائم والحيرة الفلسفية وفساد الإنسانية في الغرب، وهذه الحالة سببها الجهل الحقيقي بحالة الغرب، وعِظم الذي خسروه حين كفروا بنبوّة مُحمد صلى الله عليه وسلّم.
وبسبب هذه الحالة الانهزامية يبدأ الغلاة في تأويل النصوص وتحريف مقاصدها، ومثال ذلك جعلهم مفهوم “الأنسنة” مفهومًا مركزيًّا يوظَّف على سياقين: أنسنة العلاقات وأنسنة التراث، فتكون العلاقات مبينة على الإنسانية المشتركة، لا على أساس الهوية الدينية، وهذه المغالاة تؤول إلى طمس المعايير القرآنية في التمييز على أساس الهوية الدينية.
أما أنسنة التراث فالمراد منها إعادة تفسير التراث من خلال دوافع سياسية أو اقتصادية أو عرقية، لا دوافع دينية أو أخلاقية أو قناعات ذاتية، وفي هذا التصوّر اختزال كبير للإنسان، فهم يعتبرون أن الدين والأخلاق والإيمان لا يمكن أن يُشكّلوا دوافع يتحرك بها التاريخ، وبذلك لم يستوعبوا الأثر الإيماني الحاصل في النفوس فيتحركون من أجل الدين.
وهذا بدوره آل إلى تغييب دور النص في تشكيل التراث، وأن العلوم الإسلامية أصلها من الثقافات السابقة (المديونية) أو صراعات المصالح (التسييس) بما ترتب على ذلك من انفصال الشاب المسلم عن نماذجه الملهمة.
الفكرة من كتاب مآلات الخطاب المدني
“رأيت إسلامًا بلا مُسلمين” هذه المقولة المعروفة التي تتردد كثيرًا على ألسنة عامة المسلمين، ما مدى صحّتها؟ وما الدوافع التي تشكّلت لتقريرها بين المجتمعات المُسلمة؟
إن الكثير من الخطابات المنتشرة بين عامّة المسلمين تحتاج إلى الوقوف على حقيقتها ومآلاتها، فقد تبدو في ظاهرها لا شيء عليها، إلا أن أصولها ترتكز على الكثير مما يناقض الوحي، وسبب عدم الشعور بذلك هو ضعف الرجوع إلى الوحي في تحكيم كل خطاب، وعدم الرجوع إلى الوحي في التشكيل الفكري.
لذا يأتي الكتاب في محاولة لتحليل وكشف “الخطاب المدني” ويُقصد به الخطاب المنهزم أمام الثقافة الغربية، الذي يحاول تفريغ الإسلام من مضامينه ليوافق هوى الثقافة الغربية، فيأتي الكتاب ليُحكّم هذا الخطاب إلى الوحي، مُبيّنًا كيف يتعارض هذا الخطاب مع أصول الوحي ومضامينه.
مؤلف كتاب مآلات الخطاب المدني
إبراهيم عمر السكران: باحث ومُفكِّر إسلامي سعودي الجنسية، درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سنة واحدة، ثم تركها واتجه إلى كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء، ثم حصل على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا.
من أبرز مؤلفاته:
سلطة الثقافة الغالبة، الماجريات، الطريق إلى القرآن.