الشفافية في الوقت المعاصر
الشفافية في الوقت المعاصر
تتعلَّق الشفافية بكل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها، فهي تعمل على دعم الثقة، بشرط وجود أساس لتلك الثقة، فمن دون ذلك نجد أن الشفافية لا تخلق إلا ناتجًا سلبيًّا، فعلى سبيل المثال: في عالمنا الحالي الذي أصبح من السهل فيه الحصول على المعلومات، نجد أن نظامنا الاجتماعي يتحول من الثقة إلى السيطرة، إذًا نجد هنا أن الشفافية المطلقة ليست بالشيء الصائب خصوصًا في هذا الزمن الذي يلازمه التطور التكنولوجي الهائل.
وتعدّ الشفافية نظامًا نيوليبراليًّا مترسخًا يفرض نظامًا على كل شيء بداخله لتحويله إلى معلومات بهدف تحسين الإنتاجية وتسارع معدلات النمو، لكنه في المقابل لا يضع حدًّا لمفاهيم السرية والانعزال والآخرية، فهي تجعل الإنسان كالزجاج، حيث تحوِّل هذا الانفتاح إلى السيطرة والمراقبة الكاملة.
أصبح مصطلح الشفافية هو المصطلح الغالب في الخطاب العام المعاصر، كما أصبحت تسبق أي محتوى أو مطلب يخص تداول المعلومات وانتهاك الخصوصية، والأغرب أنه بشكل ما يؤدي إلى الافتتان بها باعتبارها حرية وإيجابية، أما الشفافية الحقيقية فهي توجد حينما تتخلَّص الأشياء من السلبيات كافة، وتقاوم الاندماج داخل تيارات رأس المال وعمليات التواصل وتبادل المعلومات، وتتحرَّر من أي عمق ومعنى، بمعنى أصح عندما تتخلى عن تفردها وتتحدد قيمتها فحسب من خلال ثمنها، باختصار فإن مجتمع الشفافية المادي هذا هو الجحيم نفسه كما يرى الكاتب.
الفكرة من كتاب مجتمع الشفافية
“أعيش فقط على ما لا يعرفه الآخرون عني”، هكذا يقول الأديب بيتر هاندكه، ، ثم نرى المفكر نيتشه يدعو إلى ضرورة امتلاك الإنسان لإرادة الجهل، حتى ولو بهدف اتخاذ القرار الأفضل، ولكن أي جهلٍ يقصده هنا؟ وما علاقة كل هذا بالشفافية التي أصبحت عنوان عصرنا الحالي حيث ينكشف هذا المقدار الضخم من المعلومات أمام وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة، وأصبح البشر فيه كالزجاج الشفَّاف يتجرَّدون شيئًا فشيئًا من صفاتهم المُثلى! هذا ما يوضحه الكاتب في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب مجتمع الشفافية
بيونغ تشول هان Byung-Chul Han: فيلسوف وكاتب، وُلِد في كوريا الجنوبية، يعمل أستاذًا في جامعة برلين للآداب، تُظهر أعماله تأثره الكبير بمدرسة فرانكفورت، وهي مدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفية النقدية في مدينة فرانكفورت الألمانية.
ومن أهم أعماله:
إنقاذ الجمال.
ما هي السلطة؟
طوبولوجيا العنف.