الشعور بالوَحدة
الشعور بالوَحدة
على الرغم من سيادة العالم الرقمي في هذه الأيام، وما ترتب عليه من سهولة التواصل مع الآخرين في كل أنحاء العالم، فالكثير من الناس يعانون الوَحدة الشديدة أكثر من ذي قبل، فالشعور بالوحدة ليس مرتبطًا بعدد العلاقات، لكنه مرتبط بجودتها، وأهمية العلاقات تكمن في فوائد عديدة، من أهمها مساعدة المرء على عيش حياة سعيدة ومريحة، ولذا فالشعور بالوحدة يسبب خطرًا على المشاعر والصحة بشكل عام؛ وقد يغير في وظائف القلب، والأوعية الدموية، وأنظمة الغدد الصماء، وانخفاض القدرات العقلية، واحتمالية الإصابة بالزهايمر.
والشعور بالوحدة أيضًا شعور مُعدٍ، فكلما اقترب الشخص الذي لا يُعاني الوحدة من الشخص الذي يُعانيها، كان أثر العدوى واضحًا جدًّا، بالإضافة إلى أن ازدياد حدة الشعور بالوحدة عند صاحبه عن ذي قبل، حيث يندفع باستمرار نحو نفس محيطه، سواء في شبكات التواصل الاجتماعي أو على أرض الواقع فتزداد حدة الشعور.
وللأسف على الرغم من انتشار مشاعر الوحدة بشكل كبير عند مجموعة كبيرة من الناس، فإن هذا الشعور من أكثر الأعراض النفسية المُهملة في الحياة، فقليل جدًّا من يدرك أهمية مُعالجة الجراح النفسية الناتجة عن هذا الشعور، والأقل من ذلك هو من يعرف طريقة المُعالجة، وهذا قد يكون بسبب أمرين يسبِّبهما هذا الشعور، يكونان بمثابة تحدٍّ لصاحب الشعور، الأمر الأول هو جعل هذا الشعور صاحبه أكثر نقدًا لنفسه ولمن حوله، لذا فإن حكمه على علاقاته يكون دائمًا بشكل سلبي، فيؤثر ذلك في تفاعله مع من حوله واستمرارية هذه العلاقات.
والأمر الثاني هو شعور الهزيمة النفسية المُصاحبة لحامل هذا الشعور، وما يترتب عليها من تقليل نوع وحجم التواصلات الاجتماعية، فتقل المهارات الاجتماعية بشكل تلقائي، وتقل أيضًا القدرة على التعاطف مع الآخرين، وبصراحة مجرد الشعور بالوحدة يتسبب في عدة أفعال نفسية تؤدي إلى استمرارية شعور المرء بالوحدة، بل ويمكن أن يزداد الأمر سوءًا، ولذا فأهم علاج هنا هو العقل المُنفتح؛ يعني تقبل المرء لحقيقة أن لتصرفاته دورًا كبيرًا في مصاحبة هذا الشعور له، وهذا سيساعده ربما على تغيير تصرفاته، وقد يساعده أيضًا تربية حيوان أليف.
الفكرة من كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
الجميع معرض للإصابة بجروح نفسية تمامًا كما يصابون بجروح جسدية، فالفشل والشعور بالذنب والوحدة كلها جزء من الحياة نفسها، وبما أن الجرح الملوث يحتاج إلى تطهيره، فأيضًا هذه الخدوش النفسية بحاجة إلى إسعافات أولية للأسف غير موجودة على الإطلاق، مما زاد من أثر خطورة مشاعر كانت في البداية طفيفة جدًّا، لكن نتيجة لتجاهلها، ازداد الأمر سوءًا.
وفي هذا الكتاب يحاول الكاتب وصف بعض الجراح النفسية الشائعة اليومية، كالرفض والفقد، ويقدم أيضًا بعض الأساليب المتعددة للأسعافات الأولية التي يمكن أن يطبِّقها المرء، لكي يُلطِّف من ألمه النفسي.
مؤلف كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
د. جاي وينش Guy Winch: طبيب نفساني، ومتحدث، ومؤلف، حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس العيادي من جامعة نيويورك عام 1991 ولديه ممارسة خاصة في مانهاتن، يكتب مدونة The Squeaky Wheel لموقع PsychologyToday.com، له العديد من المؤلفات، ومنها:
كيف تعافي قلبًا محطمًا؟!
The Squeaky Wheel