الشعر والنثر
الشعر والنثر
إن الألفاظ هي أداة الكتابة، وقد ألَّف عنها النقاد والبلاغيون كتبًا بأكملها، فسحر الألفاظ وطاقتها يشعَّان في النفس الكثير من المعاني التي تتفجَّر لتكون نثرًا أو شعرًا، واختيار الكلمة وحده يعد المظهر الأول لقدرة الشاعر أو الكاتب على التأثير في نفوسنا، وهل تساءلت قبلًا: ما فائدة قراءة الناس للشعر والقصائد؟ هناك من يقول إنها لا تزيد دخلك أو تحل مشاكلك، ولكن قراءة الشعر تُكسب الناس القوة، فالشعر يغذِّي أرواح الناس، ويمنحهم الدافع لفعل ما يريدون، فهو الحياة بكل ما فيها ومن فيها، وهو الحقيقة المتكاملة عبر الزمان ماضيه وحاضره ومستقبله، والشاعر يأخذك من يديك ليسير بك في هذه الحياة، وكأنما هو يتنزَّه معك في بستان جميل، وإن لم تنمِّ داخلك ملكة التمتُّع بالشعر، تكون قد ضيَّعت على نفسك متعة من أكبر متع الحياة وألذها.
ومن منا لا يحب القصص؟ جميعنا نهفو إلى سماعها، فهي تملأ فراغًا كبيرًا في حياتنا، وتسد ثغرات ما كان يمكن أن تُسد لولاها، ولكن هناك من يقول إن قراءة القصص تسلية وملهاة ويجب أن نقرأ ما هو أفيد منها، ولكن هذا ليس صحيحًا، لأن عقلك وجسدك يحتاجان إلى الراحة، فلا بد من راحة لاستئناف نشاط الجسد، ولا بد من تسلية لاستئناف نشاط العقل، كما أن القصص حتى السهل البسيط منها يضيف جديدًا إلى عقلك، فهي تصف لك بيئات وأجواء التاريخ ومناحي الحياة القديمة، مثلما وصفت قصص “ألف ليلة وليلة” الفترة التي كانت بها.
وتنقسم القصص إلى عدة أقسام منها: القصة القصيرة، وهي ليست مختصرًا لقصة طويلة، بل هي فن قائم بذاته، والقصصي البارع لا يكتب كلمة في قصته إلا ولها فائدة، فكل كلمة تؤدي غرضها، وهناك المسرحيات، وهي قصة حية تأتي لك بشخصياتها الذين تراهم أمامك يتحدثون ويتحركون، وفي حركتهم وحديثهم ذاك يقصُّون عليك قصتهم، كما أن هناك الترجمة، وهي حياة جديدة تضاف إلى حياتك، فالتراجم تفتح أمامك أبواب الزمن، وتلغي الحدود واختلاف الثقافات، فتصبح قادرًا على رؤية الماضي في كل البلدان، ويصبح زمانك المحدود حرًّا كالطبيعة يتسع لكل شيء.
الفكرة من كتاب العالم بين دفَّتي كتاب.. دراسات في فن القراءة
هل تقرأ؟ وإن كانت إجابتك بنعم، فهل تقتصر قراءتك على قراءة الصحف اليومية؟ أحب أن أخبرك أن هذه ليست القراءة التي أقصدها، بل المقصود هنا هو قراءة الكتب، وإن كنت تقرأ الكتب، فماذا تقرأ؟ ولماذا تقرأ؟ وكيف تقرأ؟ وكيف تختار كتابًا لتقرأه؟ جميع هذه الأسئلة الكثيرة تدور في خلد العديد من الناس، ولا يقتصر الأمر على القراء فقط، بل حتى غير القرَّاء الذين يرغبون في البدء في القراءة، ولكنهم لا يعرفون السبيل إلى ذلك.
ولذا جاء هذا الكتاب ليقدِّم لنا دليلًا عن كيف تنمِّي مهارة القراءة لديك، وتجعلها قراءة مثمرة، كما تحدَّث عن تاريخ الكتب والقراءة والمكتبات في العالم، وهذا الكتاب هو جهد من جهود التشجيع والحثِّ على القراءة، ونبراسًا يعينك على التغلُّب على مشاقِّها، ويضاعف متعتها والفائدة المكتسبة منها، وقد كان هذا الكتاب نتاج مؤتمر تعاون نحو سبعين معنيًّا بالأمر في كتابته، وقامت الدكتورة “سهير القلماوي” بترجمته، وأضافت إليه الكثير ليناسب القرَّاء في الوطن العربي.
مؤلف كتاب العالم بين دفَّتي كتاب.. دراسات في فن القراءة
سهير القلماوي : روائية وكاتبة ومترجمة وناقده أدبية وسياسية بارزة مصرية، كانت من أوائل السيدات اللائي ارتدن جامعة القاهرة، وفي عام (1941) أصبحت أول امرأة مصرية تحصل على الماجستير والدكتوراه في الآداب لأعمالها في الأدب العربي، وبعد تخرُّجها، عيَّنتها الجامعة كأول مُحاضِرة تشغل هذا المنصب، وكانت أيضًا من أوائل السيدات اللائي شغلن منصب الرؤساء؛ من ضمن ذلك رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة، ورئيسة رابطة خريجات جامعة المرأة العربية، كما نالت العديد من الجوائز مثل: جائزة مجمع اللغة العربية، وجائزة الدولة التقديرية، والدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية.
أصدرت العديد من المؤلفات والترجمات، ومن أبرز مؤلفاتها: “أحاديث جدتي”، و”ألف ليلة وليلة”، و”الشياطين تلهو”، و”ثم غربت الشمس”، و”ذكرى طه حسين”، أما عن ترجماتها فمن أبرزها: “ترويض الشرسة”، و”قصص صينية” لبيرل بك، و”هدية من البحر”، و”رسالة أيون” لأفلاطون.