الشر الطبيعي ووجود الله
الشر الطبيعي ووجود الله
حدوث الكوارث الطبيعية كالبراكين والفيضانات والزلازل شر طبيعي يقع في الكون، وليس للإنسان فيه دخل، فهل يصلح أن يكون هذا دليلًا على عدم وجود الله؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نفهم أنه لا معنى للخير إذا لم يكن الشر موجودًا، فلن أستطيع أن أفهم معنى الشبع إذا لم أشعر بالجوع، فوجود الشر في الكون يحدث توازنًا للحياة، ولو كانت الحياة خيرًا محضًا لذهب معنى الابتلاء والامتحان فيها، ولو كانت شرًّا محضًا لما استقامت وما صلحت للعيش.
إن وجود الشر والخير يُظهر قدرة الله وحكمته على إيجاد الأمور المتقابلة، ومع ذلك فإن الخير أكثر من الشر، ولو كان الأمر على العكس لما صلحت الأرض للحياة.
إن وجود الشر يشعر الإنسان بالعافية، فلا يشعر بمعنى الصحة إلا من مرض، وكذلك يستخرج ما في النفوس من أخلاق حسنة، فلو لم يكن اليُتم موجودًا مثلًا لم تظهر الرحمة على الأيتام والإحسان إليهم، وكذلك فإن الإنسان إذا شعر بوجود خطر محدق به وحوله فإن هذا سيضطره إلى اللجوء إلى خالقه والتوبة له؛ قال الله تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، بل إن بعض هذه الشرور قد تكون عقوبة للمفسدين في الأرض على إجرامهم وفسادهم، وفي المقابل تكون ثوابًا للمؤمنين.
إن الشر وسيلة ليعرف الإنسان ربه وكماله وقدرته، فإذا انقطعت السبل بالمرء عند نزول الشر والمحن به؛ لم يبق إلا باب ربه الذي بيده كل شيء، قال الله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾.
الفكرة من كتاب مشكلة الشر ووجود الله
لقد أصبح الإلحاد ظاهرة موجودة وتحدِّيًا واقعًا، وليست محاربته بمجرد التنفير منه بوسيلة مجدية، وإنما يجب التصدي له بردود علمية وبراهين قاطعة، ولأن مشكلة الشر من أبرز شبهاته؛ فإن هذا الكتاب يعرضها من خلال التأصيل لها ببيان معنى الشر وماهيته، وبيان أنواع الشر الموجود في الكون وتقديم إجابة عن كل نوع، وهذا كله طبقًا للعقيدة الإسلامية.
مؤلف كتاب مشكلة الشر ووجود الله
سامي عامري: مؤلف وباحث تونسي، حاصل على الدكتوراه في مقارنة الأديان، ومهتم بمناقشة قضايا الفكر والإلحاد والمذاهب الفكرية المعاصرة.
له عدد من المؤلفات منها: “براهين وجود الله” و”براهين النبوة” و”فمن خلق الله!”.