الشخصية والألم
الشخصية والألم
لكل إنسان مجموعة من السمات تُكون شخصيته، وهذه السمات هي التي تحدد طرق تعامله مع الأزمات والضغوط التي يتعرض لها، وعاداته واهتماماته وميوله الفكرية والوجدانية، وأيضًا موقفه من الألم وإدراكه واستجابته له، فقد يتعرض أشخاص لنفس المؤثر الذي يحدث الألم ورغم أن المؤثر واحد فإن كل شخص يشعر ويستجيب بطريقة مختلفة عن الآخر وشخصيته هي التي تحدد معنى الألم، فهناك إنسان يتألم أكثر من غيره وهناك من يتحمل أكثر.
فصاحب الشخصية القهرية هو شخص قليل الشكوى لا يعرف بآلامه أحد إلا عندما تزداد عليه بدرجة لا تحتمل، وتظهر آلامه عندما يختل النظام الذي وضعه لحياته فهو يلتزم بنظام في حياته لا يغيره مثل مواعيد النوم والعمل والأكل، فكل شيء في حياته مرتبط بمواعيد يلزم نفسه بها، ويفترض أن يلتزم بها المحيطون به، وصاحب هذه الشخصية لا ينحني للعواطف ويتنازل ويصارع ويواجه المواقف بشجاعة تعرضه لمزيد من الضغط.
وهناك الشخصية الوسواسية تكون معرضة لمتاعب أكثر نتيجة الضغوط المتزايدة عليها كالقلق النفسي وتوهم المرض، وهناك الشخصية الهستيرية التي تصرخ بسبب أي ألم يصيبها وإن كان بسيطًا من ناحية الإحساس، وهذه الشخصية تحتاج إلى الألم للسيطرة على المواقف وجذب الانتباه بعد أن تفشل في تحقيقه بالسلوك والأسلوب الإيجابي، وبفعل الإيحاء وعدم النضج الإنفعالي يكون إدراكها للألم حادًّا وقويًّا، وهناك الشخصية القلقة ترى أصحابها يشعرون بالألم في المواقف الضاغطة نتيجة القلق كالذي يشعر بآلام في بطنه قبل كل امتحان، وقد تكون مواقف عادية بالنسبة للآخرين، لكنها بالنسبة له تشغل فكره وتثير قلقه ومخاوفه وتسبب آلامًا في جسده؛ فالقلق يسبب التوتر مما يجعل العضلات منقبضة غير قادرة على الاسترخاء.
الفكرة من كتاب الألم النفسي والعضوي
كثيرًا ما تعترينا الآلام وتغزو أجسادنا بين الحين والآخر، وأحيانًا يكون الألم عضويًّا وأحيانًا أخرى يكون نفسيًّا، وتارةً يصيب الجسد وتارةً يصيب النفس أو يصيبهما معًا، وقد يجلب الألم العضوي للمريض نظيره النفسي، وقد يصحب الألم النفسي بعض الأمراض العضوية، فالعلاقة بين الألم النفسي والألم العضوي علاقة وطيدة متبادلة التأثير والتأثر.
يأخذنا المؤلف في هذا الكتاب في جولة شائقة للتعرُّف على مجاهل النفس البشرية المرتبطة بسيكولوجية الألم وتجربته، فيحلِّل مكوناته وأبعاد ما نشعر به من الآلام، متتبعًا خريطة الألم ومساره منذ البداية حتى العلاج، ويعرفنا على سبل تفاديه وتحويله إلى طاقة إيجابية، وغير ذلك من أسئلة تدور عن الألم العضوي والنفسي يجيب عنها في أسلوبه المميز الذي كتبه بعقل الطبيب وقلب الأديب راعَى فيه السلاسة والوضوح بعيدًا عن مصطلحات علم النفس والطب النفسي المعقَّدة وغير المألوفة لعموم القراء.
مؤلف كتاب الألم النفسي والعضوي
عادل صادق: طبيب مصري من مواليد ١٩٤٣م، تخرج في كلية الطب، وحصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم، رأس تحرير مجلة “الجديد في الطب النفسي”، وله العديد من المؤلفات في تبسيط علم النفس والطب النفسي.
ومن مؤلفاته: “مباريات سيكولوجية”، و”متاعب الزواج”، و”حكايات نفسية”، وتوفي عام ٢٠٠٤م تاركًا أكثر من ٣٠ كتابًا منها أربعة باللغة الإنجليزية.