الشخصية في القصة القصيرة
الشخصية في القصة القصيرة
وإذا كانت اللغة هي ما يصف الفعل ويصوره، فيمكن تعريف الشخصية بأنها صاحبة الفعل ومحركة الحدث ومصدر المشاعر، إذ تمثل مدخل القصة كلها، فبعض الكُتاب يهملون البحث عن الموضوع ويكتفون بالبحث عن شخصيات مميزة، ليكتبوا عنها بطريقة فنية، متتبعين سلوكياتهم وأوصافهم حتى يكونوا قد كونوا من تلك الشخصية قصة ذات موضوع!
وإدراكنا للشخصية يأتي بشكلين، إما بشكل مباشر خارجي يصف فيه الراوي الشخصية بلسانه، وإما بشكل غير مباشر على لسان الشخصية نفسها عن طريق الحوار أو المونولوج، وكلما كانت ملامح الشخصية مرسومة وحية وقوية الحضور، كانت أقدر على التفاعل مع الأحداث دون تدخل من الكاتب، ومن ثم يكون نجاح القصة في التأثير في القارئ، ولن تصل إلى ذلك إلا إذا استبطنت شخصياتك وتصورتها طويلًا قبل أن تضعها في قصتك.
ومن شروط كتابة الشخصيات في القصة، أن تكشف عنها بالتدريج خلال أحداث القصة، فقد انقضى زمن الكاتب الذي يفرط في وصف شخصياته وشكلها وحالتها النفسية والاجتماعية دون أن يكون لذلك دور في قصته، كما أن شروط الدراما والتشويق تقتضي ذلك التدرج، وثاني الشروط أن تقلل من عدد شخصياتك إلى أقل حد ممكن، فكثرة الشخصيات تفكك من بنية القصة ومن ثم تشتت من انتباه القارئ، ويجب أن يكون كلام الشخصية وحواراتها متناسبة مع طبيعتها الثقافية والاجتماعية لا مع طبيعة الكاتب، كما أنه من نافلة القول التنبيه على عدم استخدام الحروف والرموز للإشارة إلى شخصياتك، كأن تقول الشخصية “هـ” أو الوالد “ن” فذلك يقلل من تعاطف القراء معهم.
الفكرة من كتاب فن كتابة القصة
تمتاز القصة القصيرة بصعوبتها مقارنة بباقي الألوان الأدبية كالرواية والمسرحية والقصيدة وغيرها، إذ إنها -على عكسهم- لا تعطي الكاتب الحرية في الوصف والتكرار ورسم الصور والأخيلة، بل تفرض عليه أن تخرج في صورة محكمة مكثفة تخلو من أقل قدر من الإسهاب أو الإطناب في السرد، ومن هنا تأتي أهمية كتاب “فن كتابة القصة”، فيضع الكاتب فؤاد قنديل تعريف القصة وعناصرها وما يفرقها عن باقي الألوان الأدبية والقواعد التي تضبط هذا الفن وتميزه.
مؤلف كتاب فن كتابة القصة
فؤاد قنديل: هو روائي مصري ولد في القاهرة بمصر الجديدة عام 1944م، حاصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة وعلم النفس من جامعة القاهرة، وعمل في شركة مصر للتمثيل والسينما عام 1962م، له ست عشرة رواية، وعشر مجموعات قصصية، وعشر دراسات وتراجم وبعض المؤلفات القصصية للأطفال، من أشهر أعماله: روايتي “رحلة ابن بطوطة” و”روح محبات”.