الشباب
قضى جلال أمين أربعة أعوام في دراسته الجامعية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والتي على حدِّ وصفه كانت عبارة عن مبنى ضخم ذات طراز معماري جميل من الخارج لكنه خاوٍ من الداخل، كان عدد الطلبة المقرَّرين في كل مرحلة دراسية ثمانمائة طالب، لا يزيد عدد الطالبات فيهم عن عشر طالبات.
مرَّت هذه السنوات على جلال أمين دون أي أثر يذكر سوى الدراسة على بعض الأساتذة العمالقة في هذا الوقت في مادتي الشريعة الإسلامية والاقتصاد، وكان الاهتمام في المجتمع المصري قد بدأ ينتقل من القانون الذي كان أهم المعارف في السابق لما كان يحتاجه المجتمع من قانونيين للتعامل مع الاحتلال الإنجليزي إلى الاهتمام بالاقتصاد، حيث بدأت الدولة المصرية السعي وراء التنمية الاقتصادية.
بعد تخرُّج جلال أمين بعامين من كلية الحقوق جامعة القاهرة سافر في بعثة حكومية إلى جامعة لندن بإنجلترا للحصول على الماجستير والدكتوراه في علم الاقتصاد، بدأت الدراسة في جامعة لندن بمدة تأهيلية لمدة عشر شهور يحتاج الدارس إلى اجتياز الامتحان بعدها حتى يبدأ في دراسة الماجستير، وكان هذا النظام مقصورًا على من جاء من دولة أخرى كان يدرس فيها علمًا آخر سوى علم الاقتصاد للتأكُّد بعد هذه الفترة من تقارب مستواه من مستوى خريج كلية الاقتصاد ليكون مؤهلًا للخطوة التي تليها وهي الماجستير.
كان كل ما درسه جلال أمين في مصر حول علم الاقتصاد لا يزيد سوى عن ستة كتب كتبت باللغة العربية، لذلك كانت هذه الفترة هي بداية تعرفه الحقيقية على علم الاقتصاد كما كانت أخصب فترات التكوين العقلي لديه حيث اكتسب فيها عادات التفكير العلمي والقدرة على التمييز بين الكتب التي تستحق القراءة في مجاله والكتب التي لا تستحق.
كان جلال أمين أثناء بحثه في القضايا التي تتعلَّق بموضوع الرسالة كثيرًا ما يصاب بخيبة الأمل، إذ كان يظن أن علم الاقتصاد يستطيع أن يقدم له إجابات للقضايا المهمة التي تتعلَّق بالمجتمع، فإذا به يجد أرقامًا وإحصائيات جامدة لا تستطيع تفسير قضايا المجتمع كما لا تستطيع تقديم حلول، ولكن حيث كان المهم في هذه البعثة هو النجاح في الحصول على الشهادة تصبح كل المسائل العملية والتساؤلات الفكرية غير مهمة.
الفكرة من كتاب ماذا علمتني الحياة؟
لا يحتاج كاتب السيرة الذاتية أن يكون شخصًا عظيمًا أو كاتبًا مرموقًا، فكل شخص لديه في مسيرة حياته ما يستحق أن يُروى، فالتمثال الجميل يكمن داخل كل قطعةٍ من الحجارة حتى ولو بدت في الظاهر مجرد قطعة حجارة عادية.
نسير معًا في رحلة مع الكاتب يتحدَّث فيها عن حياته لمحاولة اكتشاف هذا التمثال الجميل بين التفاصيل.
مؤلف كتاب ماذا علمتني الحياة؟
جلال أمين: سياسي واقتصادي مشهور وُلِد عام 1935م، تتميَّز حياته بكثرة الأحداث التي عاصرها والمراحل التي مرَّ بها، تخرَّج في كلية الحقوق جامعة القاهرة، ثم سافر إلى لندن لتحضير الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد، مرَّت حياته العملية معظمها في وظيفة التدريس بالجامعة.
له عدة مؤلفات منها: “كتاب ماذا حدث للمصريين؟”، و”خرافة التقدُّم والتخلُّف”.