الشاي الجيد هو الشاي البسيط
الشاي الجيد هو الشاي البسيط
بإمكاننا الآن أن نفهم الشاي كأسلوب للتفكير وطريقة للعيش، وبذلك تكون طريقة إعداده فنًّا جماليًّا مستقلًّا، وكل عملية لتحضير الشاي هي تجربة خاصة للغاية، تختلف ظروفها في كل مرة؛ للشاي مدارس وعصور مختلفة أيضًا، وتتجلى أهم خواص كل عصر في عملية صنع الشاي، ودائمًا ما تتضح أكثر مشاعر البشر حساسية في هذه التفاصيل اليومية الصغيرة، لأنها الأكثر حدوثًا وارتباطًا بحقيقتهم.
ظهرت نبتة الشاي أولًا في جنوب الصين، كشراب علاجي وعشبة طبية، ولكن استخدامه كشراب شعبي كان بدائيًّا للغاية وقتذاك، إذ لم تتعدَّ طرق تجهيزه الغلي والطحن، اختلف الأمر تمامًا مع السلالات الحاكمة المتتالية في الصين، وانتقل هذا المشروب إلى مستوى آخر، يشهد عليه “كتاب الشاي المقدس” الذي تطرق إلى تفاصيله الدقيقة، من مزارع الشاي حتى شاربيه أنفسهم.
تغلبت تلك التعقيدات والطقوس على الشاي، حتى أصبح شرابًا علويًّا، هنا فقد الشاي شيئًا من حس الفكاهة، وتملكته المثالية وكآبة الحياة، ثم تعرضت الصين لثورة كبرى من قبائل المانشو، انقطعت على إثرها مسيرة الشاي، واندثرت معظم الأدبيات القديمة عنه، وعادت الصين إلى طرق التجهيز البدائية، ومنذ هذه الفترة توقف الشاي الصيني عند هذا الحد؛ أصبح مشروبًا مثاليًّا يترفع عن النقص البشري، وانتقل الإرث الباقي إلى اليابان المجاورة، عبر سفراء البلاط الملكي، ومن هنا بدأت “الشايّية” تعيد هذا الشراب إلى بشريته مرة أخرى، بدأت مدارس الشاي في اليابان من حيث توقفت المناهج الصينية، وقد ساعدت مقاومة اليابان للغزو على تراكم المعرفة حول الشاي وإتقان اليابانيين لطرق إعداده، حتى وصلت به إلى البساطة والتلقائية المنشودتين، هذه هي فلسفة الشاي، وهذا ما يتصف به الشاي الجيد.
الفكرة من كتاب كتاب الشاي
لقد أصبح الشاي مشروبًا عالميًّا منذ عبوره الى أوروبا في القرن السابع عشر بوصفه شرابًا لعلية القوم، وبالنسبة إلى إنسان من عصرنا، يعد الشاي مشروبًا استهلاكيًّا مثله مثل الكولا، سواء في تجهيزه بغلي أكياسه البلاستيكية، أو بالصورة النمطية التي دأبت الميديا على تقديمه فيها، كمشارك في الجو المثالي الذي تجتمع فيه العائلة ويعبق الجو بالدفء، كل هذه الصور ربما تتعلق بالثقافة الغربية للشاي، دون الإشارة إلى قيمه الشرقية.
في هذا الكتاب لم يهتم المؤلف بالشاي من الناحية التقنية، كما اعتاد العصر الحديث أن يركز عليه، لكن يحاول إعادة تقديم فلسفة حضارته التي شوهتها النماذج، عبر إعادة إحياء واستعادة هذا العامل الذي خُفف للغاية حين أصبح مشتركًا.
مؤلف كتاب كتاب الشاي
أوكاكورا كاكوزو: ولد في يوكوهاما عام 1862 م، في عائلة من الساموراي، درس في جامعة طوكيو، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عمل قيمًا على القسم الياباني في متحف بوسطن للفنون الجميلة، وتوفي عام 1913 م.
معلومات عن المترجم:
سامر أبو هواش: كاتب وشاعر ومترجم فلسطيني، ولد في صيدا بجنوب لبنان عام 1972 م لعائلة فلسطينية، درس الصحافة في كلية الإعلام بجامعة لبنان، وعمل في العديد من المجلات الثقافية اللبنانية، ترجم العديد من الأعمال الهامة ومنها:
اختراع العزلة، بول أوستر.
الحب كلب من الجحيم، تشارلز بوكوفسكي.
33 استراتيجية للحرب، روبرت غرين.
أكثر من طريقة لائقة للغرق، سيلفيا بلاث.