السُّل والسرطان بين الاستعارات اليومية
السُّل والسرطان بين الاستعارات اليومية
بدأ السرطان يكتسب وهمًا أكبر وأكثر رعبًا وتأثيرًا بعد ظهور التباين بين أعراض المرضين، فمرض السرطان بطيء متباين الأعراض يصيب أي جزء من الجسم، وقد بدأت معه أوصاف كـ”خبيث” و”صراع طويل مع المرض”، حتى إن كلمة “سرطان” كانت تستخدم كاستعارة للدلالة على الكسل، ويستخدم لوصفه كلمات طوبوجرافية كـ”ينتشر” و”يتكاثر”.
والسُّل مرض الفقراء والمدن الرطبة، أما السرطان فمرض الطبقة الوسطى التي تتمتع برفاهيات الحياة والمدن الصناعية الثرية التي عانت من التلوث، والسُّل يصيب الرئتين فقط ويمكن الإفصاح عنه، على عكس السرطان الذي يصيب أعضاءً أكثر إحراجًا كالمثانة أو عنق الرحم، ولا تزال الافتراضات قائمة حول ما يجب على الطبيب فعله مع مرضى السرطان، وإن كان يجب تبليغهم بمرضهم أم لا، ليس لأنه حكم بالموت، بل لما للمرض من وصمة تثير التقزز والرعب وربما الرفض من المجتمع، وذلك لما يحمله هذا المرض من عدوى أخلاقية وإن لم تكن بالمعنى الحرفي، ويعد السرطان تحديدًا مرضًا يمكن عدم الإفصاح عنه حسب القانون الاتحادي لعام ١٩٦٦ المتعلق بحرية المعلومات، وذلك بسبب تأثيره المزعوم في علاقات المريض العاطفية وترقياته في العمل وربما خسارة وظيفته.
الفكرة من كتاب المرض كاستعارة
الاستعارة -اصطلاحًا- هي رفع المعنى من شيء وتحويله إلى آخر، تساعدنا الاستعارات على التحليل والتفسير أحيانًا، وقد تكون سببًا للتضليل وسوء الفهم أحيانًا أخرى، تحاول الكاتبة تجريد الاستعارات المتعلقة بالأمراض المختلفة من معانيها، وذلك من خلال تحليل ونقد الاستعارات المصاحبة للأمراض الشائعة التي اكتست بعديد من الصفات والصور واستُخدِمت في الأدب والسياسة وحتى اللغة اليومية.
فقد كتبت “المرض كاستعارة” على إثر إصابتها بالسرطان، إذ شعرت الكاتبة بالغضب من تلك الاستعارات حين عرفتها بعد إصابتها بالمرض، فقررت التضامن مع كل المرضى وتحريرهم من العبء النفسي والاجتماعي المصاحب للأمراض.
فما هذه الأمراض؟ كيف تُصوَّر الأمراض المختلفة في الأدب والروايات؟ وكيف تتغير النظرة إلى المرض مع تغير العصر؟ وهل تعد الأمراض الجنسية عقابًا؟ وكيف تستغل الأيديولوجيات السياسية المختلفة الأمراض لصالحها؟ وأخيرًا هل تعزل الأمراض الفرد عن المجتمع؟
مؤلف كتاب المرض كاستعارة
سوزان سونتاج: ناقدة وروائية ومخرجة وسيناريست ومؤرخة أمريكية الجنسية، حاصلة على ماجستير في الآداب من جامعة هارفارد، كما أنها عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ولدت عام ١٩٣٣ في السادس عشر من يناير، وتوفيت عام ٢٠٠٤ بعد الإصابة بسرطان الدم للمرة الثالثة، لها عديد من المواقف الإنسانية كناشطة لحقوق الإنسان، ويذكر لها سفرها إلى مدينة سراييفو للتضامن مع المدينة في أثناء حصارها عام 1989 ومُنِحَت لقب مواطنة شرفية، كما حصدت عديدًا من الجوائز كجائزة السلام الألمانية للكتب وجائزة الكتاب الوطني، كما مُنِحَت وسام الفنون والآداب الفرنسي.
من مؤلفاتها:
الالتفات إلى ألم الآخرين.
أبعاد الصورة.
ضد التأويل ومقالات أخرى.
حول الفوتوغراف.
معلومات عن المترجم:
حسين الشوفي: مترجم له عديد من الأعمال، منها:
استخلاص وقصص أخرى.
الكتب في حياتي لكولن ولسون.