السيطرة على العقل
السيطرة على العقل
تتطلَّب القرارات السياسية أحيانًا نوعًا ما من تغييب العقول، ذلك أن الساسة يعلمون أن الجمهور لن يسعد كثيرًا إذا أُتيحت له فرصة الاطلاع على الحقائق الأساسية لكثير من المعاهدات والاتفاقات التي تتم خلف الكواليس، ومن هنا كانت أهمية الإعلام في توجيه العقل البشري والسيطرة عليه، فهو بمثابة سحرة فرعون الذين تفنَّنوا في قلب الحقائق وتزييفها، ونظرًا إلى أن العقل إنما يحدد تصوره العام وفق ما يصل إليه من معلومات اتجه مديرو أجهزة الإعلام إلى السيطرة على المحتوى الإعلامي ومعالجته ليحقِّق مصالحهم الخاصة، فالفرد إنما يُساق من داخله لا من خارجه عندما يقتنع بفكرة ما، وعلى ذلك فالحكومات تنسج حبائلها الإعلامية وتعمل على اصطياد فرائسها من العقول واحدًا تلو الآخر.
ولكن ثمة ملاحظة مهمة وهي أن الحكومات لا تلجأ إلى مثل تلك الحيل إلا عندما تبرز قوة المجتمع بصورة تنذر بخروجه عن السيطرة، أما إذا كان الشعب خاضعًا بالحديد والنار بحيث يُؤمن جانبه، فلا حاجة إذًا إلى بذل الجهد في تضليله، ولكن إذا بدأت الشعوب في إدراك حقيقة قوتها الغاشمة هنا تبدأ أولى خطوات سرقة الوعي، عبر عملية تضليل عقول البشر وتطويعها، وتظهر تلك الأداة كثيرًا في العمليات التسويقية لدى الشركات الكبرى في ظل نظام السوق القائم على آلية الربح، فهي تتفنَّن في إحكام السيطرة على عقل المستهلك ودفعه لتبنِّي عادات استهلاكية جديدة تتناسب مع الخطط التوسُّعية للشركة لتحقيق أرباحها.
الفكرة من كتاب المتلاعبون بالعقول
التلاعب بالعقول وصناعة الوعي المضلل، ذاك الذي يخدِّر الضحية قبل ذبحها، بل ويجعلها تستمتع بهذا العذاب، من هنا يتحدث هذا الكتاب عن حقيقة الحرية الإعلامية في بلاد العالم المختلفة خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، ويبرز حقيقة وقوع أجهزة الإعلام تحت سيطرة الشركات الاقتصادية الكبرى، وأن هذه الشركات توظِّف أجهزتها الإعلامية لتوجيه عقول مشاهديها لتحقيق مصالحها الخاصة حتى لو تضاربت مع مصالح الجماهير الشخصية.
مؤلف كتاب المتلاعبون بالعقول
هربرت شيللر Herbert Schiller: عالم اجتماع ومؤلف وناقد وباحث، (ولد في الـ5 من نوفمبر عام 1919، وتوفي في الـ29 من يناير 2000)، حصل على الدكتوراه من جامعة نيويورك عام 1960، وكان أستاذ مادة “وسائل الاتصال” بجامعة كاليفورنيا، بسان دييجو، وعمل قبل ذلك أستاذًا بمعهد برات ببروكلين، بنيويورك، وجامعتي إلينوي وأمستردام.
أصدر الكثير من الكتب التي كان لها أثر كبير في تغيير الكثير من العقول، منها:
ما بعد السيادة الوطنية.
العيش في البلد رقم واحد.
المعلومات واقتصاديات الأزمة.
الاتصال العام والإمبراطورية الأمريكية.