السيطرة على الدول
السيطرة على الدول
عمدت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية وجلوسها على عرش سيادة العالم إلى خلق أدوات من شأنها أن تساعدها على حكم دول العالم أجمع، لذلك أنشأت المؤسسات الدولية المختلفة كالأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة الجات، وأصبحت تلك المؤسسات بمثابة أبواقها الإعلامية وعصاها الغليظة في الوقت نفسه، ومارست بذلك سياسة العصا والجزرة لاستقطاب باقي الدول إلى حظيرة الطاعة، فمن ناحية صدَّرت الولايات المتحدة عن طريق تلك المؤسسات قيم الأسواق الحرة للعالم، ومن ناحية أخرى استخدمتها كمطية لخلق اتفاقيات ومعاهدات دولية تعكس مصالحها الخاصة على الجانب الآخر كانت عصاها في محافل كثيرة عبر إلهاب ظهر الدول التي تهدِّد مصالحها بالعديد من العقوبات.
كان تأسيس منظمة التجارة العالمية بمثابة دخول عصر جديد من الرأسمالية تزامن مع التوجه نحو الليبرالية الجديدة وصعود قادة الاقتصاد الجدد من الشركات العابرة للقارات، فهي تعد الوريث الشرعي لمنظمة الجات التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، وإذا وضعنا جانبًا المقارنة بين المبادئ التي قامت عليها وواقع الاقتصاد العالمي نجد أن اتفاقية منظمة التجارة العالمية كانت في حقيقتها الباب الخلفي الذي نفذت منه الولايات المتحدة الأمريكية إلى اقتصادات أكثر من مائة وستين دولة ممن وقعوا على الاتفاقية، ومن ثَم التزموا بشروطها التي تضمنت ترجمة لدستور السوق الحر وفقًا للتصور الأمريكي.
وعبر تصدير الوهم والشعارات الزائفة عن حرية التجارة العالمية تم الولوج إلى اقتصادات دول العالم وهندسة اقتصاداتها بما يلائم التوجه الجديد وفق المصالح الأمريكية، فتم إجبارها على خلخلة اقتصادها وإعادة هيكلته من جديد عبر موجات من الخصخصة ورفع الدعم وتقليص الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب في الوقت نفسه مع زيادة أسعار المحروقات والطاقة وخفض أسعار العملة الوطنية، لتتسبَّب بذلك في تغيير المعادلة الاجتماعية وتهديد السلم المجتمعي وإثارة القلاقل بين طبقات المجتمع وزيادة الضغوط التي تشكِّل وقودًا للثورات وعدم الاستقرار.
الفكرة من كتاب الربح فوق الشعب
يستعرض هذا الكتاب جذور الرأسمالية والنظام العالمي الجديد، ويتناول الوجه المتوحش الجديد للرأسمالية المعاصرة وقادتها الجدد من الشركات الكبرى، كما يتعرض لهذا الزواج الكاثوليكي بين السياسة ورأس المال والأساليب المستخدمة لترويض الشعوب والسيطرة على الدول وفق أجندتهم الخاصة.
مؤلف كتاب الربح فوق الشعب
أفرام نعوم تُشُومِسْكِي: فيلسوف أمريكي، ولد في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا، تخرج تشومسكي في جامعة بنسلفانيا وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1949 والماجستير في عام 1951، ومُنح درجة الدكتوراه في اللغويات من جامعة بنسلفانيا في عام 1955، وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي عمل فيها لأكثر من 50 عامًا، بالإضافة إلى عضويته في كثير من الأكاديميات العلمية المرموقة كالأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للعلوم والجمعية الأمريكية للفلسفة وغيرها، كما حصل على العديد من الجوائز، ففي فبراير 2008 حصل على الميدالية الرئاسية من جمعية الأدب والمناظرات في الجامعة الوطنية في أيرلندا في غالواي، وعلى جائزة إريك فروم عام 2010 في شتوتغارت في ألمانيا.
له مجموعة من المؤلفات أبرزها: “ماذا يريد العم سام” و”الدول الفاشلة – إساءة استخدام القوة والتعدي على الديمقراطية”، و”قراصنة وأباطرة – الإرهاب الدولي في العالم الحقيقي” و”النظام العالمي القديم والجديد”.