السيطرة الأمريكية على مصاير الدول
السيطرة الأمريكية على مصاير الدول
لطالما ترسخت لدى السياسة الخارجية الأمريكية عقيدة أن أمريكا مُوكلَة بصنع نظام عالمي على الطراز الأمريكي، الذي يؤمن بأن الديمقراطية قائمة على مبدأ “أنت حر في أن تفعل ما تشاء ما دُمنا نريد ذلك”، فدأبت على التدخل في أنظمة عديد من الدول وسياساتها الداخلية تحت مسمى نشر الديمقراطية الأمريكية في جميع أنحاء العالم، لكن غايتها الحقيقة كانت نشر الرأسمالية وسيطرتها على اقتصادات تلك الدول.
وقد تطور هذا التدخل منذ الحرب العالمية الثانية ووصل إلى حد التآمر، واستخدام العنف لإسقاط أنظمة الدول السياسية وإن كانت برلمانية، ففي كوريا الجنوبية في الأربعينيات، قُتِلَ نحو ١٠٠ ألف شخص بفعل القوات الأمنية الأمريكية، وفي اليونان أدارت أمريكا عمليات تمرد قتلت وعذبت الآلاف لقمع الأحزاب الشيوعية التي أسسها عمال وفلاحون ومنعتهم من الوصول إلى السلطة، بل وسلمت السلطة إلى نُخب ديكتاتورية مؤيدة للنازية.
كذلك تورطت CIA في تنظيم انقلابات عسكرية في أستراليا، وهي دولة ذات نظام ديمقراطي صناعي متقدم، كالانقلاب الذي أطاح بحكومة العمل “وايتلام” في أستراليا عام ١٩٧٥، لمنعها من التدخل في القواعد العسكرية الأمريكية والاستخباراتية هناك.
كما عارضت واشنطن تحول الأحزاب الشيوعية الأوربية نحو الديمقراطية، لأنها شكلت تهديدًا لحلف الناتو، ثم طبقت مشروع مارشال لاستبعاد الشيوعيين عن الحكومة ودعم الرأسمالية ونشر حكم رجال الأعمال في أوربا خصوصًا فرنسا وإيطاليا، فاستغلت الأزمة الغذائية التي عانت منها فرنسا عقب الحرب العالمية الثانية، ثم أسست CIA مافيا نشرت الفوضى والرعب في كل مكان، مما ساعدها على تحقيق سيطرة قوية فأجبرت الحركات العمالية على الخضوع.
وفي إيطاليا استخدمت أمريكا وسائل قمعية لتقويض شرعية الدولة الإيطالية، ففي عام ١٩٤٨ ضغطت على الفاتيكان لطرد الإيطاليين الشيوعيين من القربان المقدس، وفي عام ١٩٧٦ أنفقت CIA ستة ملايين دولار لدعم مرشحين مناهضين للشيوعية في إيطاليا وإسقاط حكومة ألدو مورو.
الفكرة من كتاب العالم.. إلى أين؟
نَعُوم تْشُومِسْكِي هو المفكر الأشهر في العالم الذي استطاع مواجهة أمريكا بجرائمها وممارساتها العدوانية في العالم كله، دافع عن حقوق المستضعفين تحت مسمى سياسة الحرب على الإرهاب، كما حدث في العراق وغيره، ما يميز تْشُومِسْكِي هو أن أفكاره تحكمها الأخلاق ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو صوت الأمل والتفاؤل الذي يؤمن بضرورة مقاومة الظلم والاستغلال مهما طال أمده.
يعرض لنا تْشُومِسْكِي -من خلال هذا الكتاب- آراءه وأفكاره حول قضايا عديدة ذات تأثيرٍ كبيرٍ في العالم بأكمله، وهي: الليبرالية الجديدة وأثرها في النظام السياسي والاقتصاد والمجتمع في أمريكا، كما يناقش تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية بما يحتويه من تدخلاتٍ عدوانية في أنظمة الدول الأخرى، ويتطرق إلى الحديث عن سياسة الحرب على الإرهاب ونتائجها المريرة التي ما زال العالم يدفع ثمنها حتى الآن، بجانب قضايا أخرى كأزمة اللاجئين وكارثة التغير المناخي.
مؤلف كتاب العالم.. إلى أين؟
نعوم تشومسكي: أستاذ لسانيات ومفكر أمريكي وناشط سياسي، رائد في مجال السياسات العالمية والتاريخ واللغويات، درس الفلسفة والمنطق واللغات في جامعة بنسلفانيا، وعمل أستاذًا زائرًا في جامعة كولومبيا، وأستاذًا في قسم اللغويات الحديثة، حاز عديدًا من الجوائز منها “ميدالية هيلمهولتز”، وصنفته مجلة “نيو ستيتمنت” في المرتبة السابعة من أبطال عصرنا، له عدة مؤلفات منها:
أوهام الشرق الأوسط.
السيطرة على الإعلام.
الدول الفاشلة.
ماذا يريد العم سام؟
السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الاوسط.
معلومات عن المترجمة:
“ريم طويل”: مترجمة عربية، ترجمت عدة كتب، منها:
أريد أن أنام.
كل ما أعرفه عن الحب.
فنّ الهدوء.