السمات العامة للحركة الصهيونية
السمات العامة للحركة الصهيونية
الحركة الصهيونية منذ نشأتها كفكرة مجردة وحتى فرضها بالقوة كواقع أليم، مرَّت بتجارب عديدة أكسبتها بعض السمات منها: أنها حركة استعمارية، فقد بدأت الصهيونية كأداة سياسية للمشروع الإمبريالي الغربي الذي عمل على زرعها بالقوة داخل النسيج العربي تحقيقًا لمصالحه الشخصية التي تمثلت في كسب نفوذ سياسي واقتصادي، وكذا صرف النظر عن الاضطرابات الداخلية ونشر أيديولوجيات معينة، وأنها حركة استيطانية، إذ عمل الاستعمار الغربي منذ اللحظة الأولى على توطين اليهود في فلسطين كنوع من تصدير المشكلة خارج بلادهم، ورغبةً في تحقيق نوع من الوجود العسكري واتباعًا لسياسة فرض الأمر الواقع وقطع التواصل بين السكان الأصليين عبر المستوطنات، وهي حركة إحلالية، فقد دأبت الصهاينة على إحلال وجودهم محل الفلسطينيين عبر عمليات الإبادة والطرد والإبعاد وتهميش أصحاب الأرض، بل وصل الأمر إلى حد إنكار تاريخ السكان الأصليين وربط تاريخ فلسطين بالوجود اليهودي فقط وتصويرها بأنها مجهولة الهوية، والحركة الصهيونية حركة توسعية، فقد نشأت الصهيونية تحت مظلة استعمارية ترى العالم كلأً مباحًا لها وفقًا لمصالحها الخاصة، كما أنها وعدت اليهود بإقامة دولتهم، ومن هنا كان عنصر “الأرض” إحدى ركائز الفكرة الصهيونية لزيادة الكتلة اليهودية في فلسطين.
ورغم الاختلاف الهائل بين التيارات الصهيونية فهناك ما يمكن تسميته بـ”الإجماع الصهيوني”، أي المبادئ المشتركة بين جميع التيارات والأحزاب والجماعات الداخلية للصهاينة وهي بمثابة المبادئ الحاكمة للمشروع الصهيوني، وأولها أن اليهود شعب واحد، وفلسطين أرض الميعاد، كما أن القدس هي العاصمة الوحيدة والأبدية للدولة الصهيونية، ووجود الفلسطينيين أمر عرضي يجب إزالته، وسياسة الأمر الواقع هي السياسة الوحيدة التي يجب اتباعها مع العرب، وأن تفكيك المستوطنات القائمة بالفعل بمثابة تفكيك للوجود الصهيوني برمَّته، لذلك لا بدَّ من المحافظة عليها وزيادتها على نحو مستمر، وأن الكيان الفلسطيني الذي سينشأ يجب أن يكون مقوض السيادة منزوع السلاح، حتى لا يمثل نوعًا من التهديد مستقبلًا، وأن الدعم الغربي وبخاصة الأمريكي هو ماء الحياة للشجرة الصهيونية، لذا يجب تحقيق مصالح الدول الداعمة لضمان استمرار الدعم.
الفكرة من كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
“السياسة لا تعرف الأصدقاء الدائمين، ولا حتى الأعداء الدائمين، ولكن فقط تعرف المصالح الدائمة”!
يعد هذا الكتاب تشريحًا للعقلية الإمبريالية الغربية، كما يعد في الوقت ذاته سجلًّا يتناول الجذور التاريخية للصراع العربي الإسرائيلي ويحلِّل المعطيات والأسباب والنتائج التي أسهمت في نشأة الحركة الصهيونية، كما يتعرَّض بالنقد للمبادئ الحاكمة للمسألة اليهودية، ويلقي الضوء على سياسات الدول العظمى وكيف تتم صياغة العلاقات بين الدول.
مؤلف كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
عبد الوهاب المسيري: كاتب ومفكر عربي، وُلد في دمنهور 1938، حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا)، ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers ، كما عمل أستاذًا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًّا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979)، تُوفِّي فجر يوم الخميس الموافق 3 يوليو/تموز 2008 بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر ناهز السبعين عامًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
ومن أهم أعماله: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.. نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات)، ورحلتي الفكرية.. سيرة غير ذاتية غير موضوعية، وفي البذور والجذور والثمار، والعلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزءان).