السلام المزعوم
السلام المزعوم
لا يزال العجب يتملَّك مؤلفنا، أما هذه المرة يعجب من رفع الشيوعيين شعار السلام مع علمهم تمام العلم بأن غايتهم لن تتحقَّق ما لم تسقها الدماء! إن الشيوعية والسلام لا يجتمعان، ولرؤوس الشيوعية الكبار نصوص صريحة في ذلك، ومنها: قول لينين مؤسس الحزب الشيوعي الروسي وقائد الثورة البلشفية أنه: “يجب أن يكون ديدننا العمل لتسليح البروليتاريا ونزع السلاح عن البرجوازيين وإضعافهم..”، كما قال: “حين نطوح بالبرجوازيين ونقهرهم في العالم كله وليس في بلد واحد فحسب، عندئذٍ تصبح الحروب مستحيلة الوقوع!”.
ومما تفوَّه به كارل ماركس في خطبته سنة 1853: “عليكم أن تقتحموا خمس عشرة سنة أو عشرين أو خمسين من الحروب الأهلية والحروب بين الأمم، لا لتغيروا الأوضاع فقط، بل لتؤهلوا أنفسكم لحكم العالم أيضًا”، ومن مقررات المؤتمر العالمي السادس للشيوعية الدولية عام 1928: من المستحيل القضاء على الرأسمالية دون استعمال القوة ودون الانتفاضات المسلحة.
فلطالما زعم الشيوعيون عدم تناقض دعوتهم إلى السلام التي يرفعون لواءها مع أقوال ماركس ولينين وستالين وغيرهم ممن أدركوا استحالة السلام مع الشيوعية، يؤكد السياب أن دعوتهم إلى السلام المزعوم ليست إلى السلام المطلق، بل إلى السلام العالمي وشتان بينهما، فإنهم يناضلون من أجل السلام في البلدان الرأسمالية من أجل الحيلولة دون تسلُّح تلك البلدان وتسكينها، فالهدف الحقيقي من وراء هذا السلام هو ابتلاع المعسكر الغربي جزءًا بعد جزء بعد إكساب المعسكر الشرقي الصقل المهيئ لسحق كل ما عدا الشيوعية في العالم، وستظل دوائر الصراع بين الشرق والغرب قائمة إلى ما شاء الله.
الفكرة من كتاب كنت شيوعيًّا
“ليست كتابات الرفيق رائد التي فضح فيها الشيوعية والشيوعيين هي التي حفزتني على الكتابة، إنها فكرة ظلت تراودني منذ أمد بعيد، أن أكتب تجربتي مع الشيوعيين، كيف اعتنقت الشيوعية، وماذا رأيت فيها ومنها، وما الذي جعلني أصبح عدوًّا لدودًا لها.. وها أنذا أحقق حلمي اليوم!”.
بعد أكثر من أربعة عقود على وفاة الشاعر والكاتب بدر شاكر السياب، جُمعت اعترافاته التي نشرها عام 1959 في جريدة “الحرية” البغدادية في كتاب واحد، تلك الاعترافات التي ضمَّنتها شهادته على الحزب الشيوعي عندما كان بين صفوف الشيوعية لتبقى شاهدةً على التاريخ.
مؤلف كتاب كنت شيوعيًّا
بدر شاكر السياب: شاعر عراقي، ولد في الـ 25 من ديسمبر عام 1926 بالبصرة، يُعد واحدًا من أشهر شعراء العرب في العصر الحديث، أسهم في تأسيس مدرسة (الشعر الحر) برفقة مجموعة من كبار الشعراء، كما عمل مدرسًا للإنجليزية، ثم فُصل من وظيفته لميوله السياسية وأودع السجن، وفي سنة 1952 اضطُر إلى مغادرة بلاده والتوجُّه إلى إيران ثم الكويت، وقد فارق الحياة في الـ 24 من ديسمبر عام 1964 بالكويت بعد صراع مع المرض.
ومن أعماله الشعرية: “أساطير”، و”قيثارة الريح”، و”أزهار ذابلة”، ومن أعماله النثرية: “الالتزام واللا التزام في الأدب العربي الحديث”، ومن ترجماته: “ثلاثة قرون من الأدب”، و”قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث”.