السقوط الأخير
السقوط الأخير
الشيوعية تشكل السلطة الوحيدة القادرة على قمع أي معارضة في مهدها، وربما كان بإمكان الاتحاد السوفيتي نشر هيمنته على العالم في حين تكون الولايات المتحدة في أزمات سواء طارئة أو دائمة، وعلى الرغم من البشاعة التي ستتميز بها هذه الهيمنة فإنها ستكون عرضة للانهيار إن حدث تحالف يهددها في أقصى الغرب وأقصى الشرق وأوربا، وفي انهيارها قد تجر التاريخ والإنسانية معها إلى الأعماق السحيقة، ولا أحد يدري كيف ستكون نهاية أوربا، هل ستكون مثل المدن الإغريقية التي انبطحت أمام مقدونيا؟ أم ستكون مثل تلك المدن نفسها التي وقفت تتحدى إمبراطورية فارس؟ ربما لن يدري أحد، لن يدري إلا أحفادنا حينما ينقضي كل شيء ويتحدد مصير كل شيء.
لا ريب في أن قوى الموت تسير بشكل أسرع من قوى الحياة، والقوتان لا تتصارعان بقدر ما تعمل إحداهما لصالح الأخرى، فإن كان الظفر لقوى الموت، فالمستقبل هو قبرنا المنتظر، وإن كانت الحرب العالمية الثالثة قد أُجِّلَت منذ عام 1947م، فقد لا يصمد العالم في كبحها أكثر من ذلك، ليس لأجل القنبلة الذرية وحسب، بل لأجل تلاحم قوى الشر الموجودة في العالم وتقدم أساليبها وتقنياتها في الاستعباد والإفناء.
الفكرة من كتاب إلى أين يسير العالم؟
هل نحن بخير؟ ربما تخلصت الإنسانية من الأوبئة والأمراض التي أرّقت مضاجعها طيلة قرون، وربما تمكنت من غزو الفضاء واكتشاف تقنيات لعيش حياة أفضل، لقد أردت أن أخبرك أن العالم على وشك أن يصل أخيرًا إلى السلام، إلا أن هيروشيما ومعتقلات النازية والسياسة الستالينية تخبرك بغير ذلك.
قد يبدو العالم اليوم في صراع من أجل السلام، لكنه في الحقيقة في صراع من أجل البقاء، وخطته المزعومة نحو السلام قادته فقط إلى ابتكار مزيد من تقنيات التسلح وأساليب الإبادة!
فهل هذه الإنسانية التي حلمنا بها، أم إنها كانت جنينًا قُتِل عمدًا في مهده قبل أن يرى النور؟
يقدم إدغار موران في هذا الكتاب نظرته الذاتية عن القرن العشرين، ويولد مفاهيم جديدة لمصطلحات ظننا أننا نعرفها، مثل: الأزمة، والثورة، والتقدم، والحضارة، مستعينًا بخبرته التي اكتسبها من الأهوال التي عاصرها في الحربين العالميتين وفيتنام وكوبا والجزائر وغيرهم، مما انفردت به الساحة الدموية للقرن العشرين.
مؤلف كتاب إلى أين يسير العالم؟
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز عدة جوائز من بينها دكتوراه فخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
عنف العالم مع جان بودريارد.
معلومات عن المترجم:
أحمد العلمي: أستاذ الفلسفة ورئيس قسمها في جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة بالمغرب، وعضو هيئة تحرير مجلة مدارات فلسفية، له عديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية في مجال اختصاصه.