السفسطة والمغالطات المنطقية
السفسطة والمغالطات المنطقية
إن الأخطاء في التفكير ليست وليدة عالم اليوم، إنما زاد انتشارها ووضوحها أكثر وأكثر فقط، أما المغالطات والأخطاء فهي قديمة قدم الإنسان نفسه، واصطلح على تسمية هذه الأخطاء في التفكير باسم السفسطات، والسفسطة هي ما يتكئ عليه المحاور عندما يعجز عن الحجة الدافعة، ويختبئ حولها من أراد الانتصار بأيسر الطرق، ولهذه الكلمة تاريخ طويل، فالسفسطائي تعني الحكيم، والسفسطة هي الحكمة، ولكـن لنرجع إلى عهد اليونان لنعرف متى اكتسبت هذه الكلمة دلالتها السلبية.
لقد تعلمنا في مدارسنا قديمًا أن كلمة الفلسفة تعني محبة الحكمة، لذا يكون الفيلسوف هو محب للحكمة، ويظهر هاهنا تواضع الفلسفة ومبادئها في بحثها الدائم عن الحقيقة، وعلى العكس من ذلك السفسطة، ظهرت فرقة السفسطائيين قديمًا في القرن الخامس قبل الميلاد، وقالوا إن الإنسان هو مقياس كل شيء، وأنك ما دمت قادرًا على إثبات الأمر فإنه صحيح، وطوروا مفاهيم الخطابة والبلاغة وأفسدوا عقول الناس، حتى يأتي الفلاسفة ليكسروا أنوفهم وغطرستهم ويثبتوا خطأهم، ومن هنا تظهر المعاني السلبية للسفسطة، لتظهر في النهاية على أنها استدلال صحيح في الظاهر، ينطلي على من لا يعلم كيف يستدل على الأمور جيدًا، فتشعر لأول وهلة أن الحجة صحيحة سليمة، بينما هي في الحقيقة معتلة، وهذا الاعتلال والفساد في الاستدلال إما أن يكون في الصورة أو في المضمون، فقد تكون صورة الاستدلال سليمة، لكن مضمونها باطل.
وقد ترتكب هذه المغالطات بشكل واعٍ أن صاحبها يعلم خطأ مقالاته ولكـنه يريد الانتصار بأي شكل، وقد تكون غير مقصودة لعجز وقصور في عقل المتكلم، وغاية السفسطائي أن يلزمك بأمر شنيع معلوم كذبه، أو يوقعك في الشك بشكل يجعلك غير قادر على التفكير، أو يوحي لك بكلام مستحيل المفهوم، أو يزرع في رأسك عددًا من الأفكار الباطلة التي توقعك في مغالطات أكبر.
الفكرة من كتاب الحِجَاج والمغالطة
خطيب مفوَّه قادر على هزيمة متخصِّص في الطب أو الهندسة أو الفلك، حتى لو كان مدار النقاش في تخصُّص هؤلاء جميعًا، والرد على مغالطات منطقية هنا وهناك، من كذب ودجل ومعلومات خاطئة، فكيف يمكن للإنسان أن يفكر في عالم اليوم، وسط كل هذا الكم المختلف المضطرب المتناقض من البيانات والمعلومات المتناثرة يمينًا ويسارًا؟ كيف يمكن أن تضع قدمك على بداية طريق التعلم والمعرفة، وكيف تتخلَّص من مرحلة الشك، وما سبيلك إلى أول قدم من سلم اليقين، هذا ما يحاول كاتبنا الإجابة عنه في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الحِجَاج والمغالطة
رشيد الراضي: كاتب مغربي، ولد في 20 مايو 1974، ودرس الفلسفة في مدينة أصيلة، ودرس مادة علوم التربية في المركز التربوي الجهوي بمدينة سطات المغربية، يحمل إجازة في الفلسفة من كلية الآداب جامعة الملك محمد الخامس في الرباط، ودبلوم الدراسات العليا في مناهج المنطق.
من أهم كتبه: المظاهر اللغوية للحجاج: مدخل إلى الحجاجيات اللسانية.