السعادة والعطاء
السعادة والعطاء
يُحكى أنَّ سيدةً كانت تعيش في سعادةٍ ورضا مع ابنها الشاب، لكنها فقدت سعادتها بموت ابنها، فذهبت إلى حكيم القرية تطلب منه وصفةً سحرية تُعيد ابنها إلى الحياة، ففكَّر الحكيم وشرد زمنًا ثم قال: “أحضري لي حبة خردلٍ واحدة، بشرط أن تكون من بيتٍ لم يذُق الحزن قط”، وهكذا مضت المرأة تطرق أبواب بيوت القرية، وتسأل كل من يفتح لها: “هل ذاق هذا البيت الحزن من قبل؟”، فتحكي لها هذه عن موتِ زوجها وعن فقرها وتحكي لها أخرى عن مرض زوجها وجوع أبنائها، وهكذا سارت من بيتٍ إلى آخر تسمع هموم الناس وتشاركهم إياها، ثم تقدم لهم ما استطاعت من العون في حل مشكلاتهم، ومرَّت الأيام ونسيت تلك السيدة أنها كانت تبحث عن حبة الخردل، إلا أن الحكيم كان بذلك قد منحها وصفة سحرية للسعادة.
علينا أن نفهم طبيعة الحياة، وأن فيها دموعًا وضحكاتٍ وأفراحًا وأحزانًا، وأن الهموم لا تتربَّص بنا وحدنا ولكن من الناس من يحمل مثل همنا ومنهم من يحمل أضعافه، ومن عرف هموم الناس هان عليه همه، ومن حاول تخفيف هموم الآخرين ومساعدتهم على حل مشكلاتهم انقلبت كآبته سعادةً ورضا؛ فللعطاء أثرٌ ساحر وإن كان بلا مقابل ملموس فإننا نأخذ مقابله مشاعر طيبة تروي قلوبنا، ويعني أن تجود بما تستطيع لغيرك وإن لم يسألك، ويبرهن على حبك وتقديرك لمن تحب، والعطاء مادي ومعنوي، فهنيئًا لمن يُعطي مزيجًا منهما ولمن يعطي عطاءً صادقًا.
الجميع يبحث عن السعادة، لكن ربما لا يفهم الكثيرون معناها الحقيقي، فالسعادة لا تنتظرك في نهاية الطريق، ولكنها تكمن في الرحلة نفسها، الرحلة التي ننساها في سعينا المحموم وسباقنا إلى النتائج النهائية، ونغفل عن نعم الله علينا، ونغفل عن التفاصيل البسيطة المبهجة مثل دعوة أم صادقة وابتسامة زوجة محبَّة ولحظة يرى المرء فيها أبناءه ناجحين، وغيرها من الأمور التي لا تعدلها ثروات وسلطات يركض الناس خلفها، والسعادة قد تكون أقرب إلينا كثيرًا مما نظن ولكن أبصارنا تعمى عنها.
الفكرة من كتاب نادي القلق
ما قصة ذلك النادي الذي يضمُّ أغلب البشر تقريبًا، وكيف يمكننا الهروب منه؟ كيف يحدِّد المرء أهدافه؟ هل هناك وصفة سحرية للسعادة؟ كيف هي علاقة الشهرة والتواضع؟ في رحلتنا مع هذا الكتاب نمر بمحطاتٍ متنوِّعة نجد فيها إجاباتٍ عن هذه الأسئلة ونستكشف المزيد.
مؤلف كتاب نادي القلق
الدكتور جلال الشايب: كاتب مصري ومدرس بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، ولد عام 1970 في القاهرة، وتخرج في كلية الفنون الجميلة عام 1993، وحصل على درجة الدكتوراه عام 2008.
من مؤلفاته: “تاريخ العمارة الداخلية الحديثة”، و”دفتر الغضب: يوميات شخص عادي شارك في الثورة”، و”مقالات ومقولات”، ورواية عنوانها “عناق على كوبري قصر النيل”.