السعادة الحقيقية
السعادة الحقيقية
يقول صاحب الظلال: “والناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الآخر، ولكن قلَّما يتذكَّرون يد الله التي خلقت لهم من أنفسهم أزواجًا، وأودعت نفوسهم هذه العواطف والمشاعر، وجعلت في تلك الصلة سكنًا للنفس وراحة للجسم والقلب، واستقرارًا للحياة والمعاش وأنسًا للأرواح والضمائر، واطمئنانًا للرجل والمرأة على السواء”.
وهكذا خلق الله في الرجل الحاجة إلى المرأة، وخلق فيها ما يكمله وتسكن به نفسه، وخلق فيها الحاجة إلى الرجل، وخلق فيه ما يكملها وتسكن به نفسها، تلك فطرة الله التي فطر الناس عليها بعيدًا عن كل الصراعات المتوهمة والنديَّة المختلقة، وكيف لا يحتاجكِ وأنت له خير كنوز الدنيا بوصف النبي (ﷺ) وهو يخبر صاحبه: “ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته”، غير أنه وكما تكون المرأة سعادة زوجها فقد تكون شقوته، إذ يقول (ﷺ): “من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء”.
ولكي تكوني تلك المرأة الصالحة، ولكي يمتلئ بيتك بالسعادة فعليك أن تعلمي أولًا أن أركان سعادة البيت المسلم هي: إرضاء الله، ثم إرضاء النفس، ورضا النفس يتحقَّق من خلال النجاح المادي والأدبي، ومن خلال تلبية الحاجات العاطفية والحسية، وفي ذلك يقول تعالى على لسان المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، ويكون نتيجة هذا البيت الذي يرضي الله، ويشعر أفراده بالرضا، أن يكونو لبنة صالحة لمجتمع صالح، فتكتمل أركان سعادة البيت، فالبيت الطيب في الدنيا هو الطريق لبيت طيب في الجنة، ومن أجل غاية كتلك تسعى الزوجة الصالحة بل وتضحي لتكون وأهل بيتها ممن قيل فيهم ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾.
الفكرة من كتاب كيف تبنين بيتًا سعيدًا
سيارة ومال كثير، كثير بما يكفي لألفَّ العالم كله، هذا ما أسميه حلمًا، إما أن أتزوج وأفقد كل متع الحياة، حتى الحب، نعم تعلمين عزيزتي ما إن يدخل الزواج من الباب حتى يغادر الحب من الشباك، ثم ما المميز في أن أتزوَّج؟كل الناس يتزوَّجون، بل كل الكائنات تفعل!
كثرت في زمننا مثل تلك الأفكار والنقاشات، ولكن هل تلك الأحلام هي السعادة حقًّا؟ وهل الزواج كما يتحدثون عنه؟
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، ومن آياته؛ إذًا فالزواج آية من آيات الله؛ آية جاءت بعد ذكر قدرة الله على إخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي، وبعد آية خلق الإنسان من تراب، وخلق السماوات والأرض، في وسط تلك الآيات ودلالات وجوده سبحانه، كانت آية خلق الأنثى من الرجل، لماذا؟ ليسكن إليها! وليكون ما بينهما ماذا؟ شحناء وندية وكدر؟ لا بل مودة ورحمة، إنها آية من آيات الله سبحانه، وفي كل نفسين تجتمعان على ميثاق الله آية متجدِّدة نراها بأعيننا، فما سرها؟ وكيف نصل إلى تلك المودة والرحمة والسكينة التي يصفها سبحانه في بيوتنا؟
مؤلف كتاب كيف تبنين بيتًا سعيدًا
الدكتور أكرم رضا مرسي: خبير أسري وتربوي، واستشاري تنمية بشرية وتطوير، من مواليد القاهرة عام 1959م، تخرج في كلية الصيدلة عام 1982، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلامية، وقد حصل على الدبلوم الخاص للإرشاد النفسي في مجال التربية وعلم النفس، إضافةً إلى حصوله على دبلوم الإدارة التنفيذية EMD من الجامعة الأمريكية في القاهرة، له عدد كبير من المؤلفات والسلاسل في كثير من المجالات أبرزها الأسري والتربوي، ومن مؤلفاته:
على أعتاب الزواج.
بيوت بلا ديون.
قواعد تكوين البيت المسلم.
متعة النجاح.