السراويل الجينز من كمبوديا
السراويل الجينز من كمبوديا
بعد إنهاء رحلته في بنجلاديش قرَّر “كيلسي” السفر إلى كمبوديا، وكان ذلك موافقًا للأول من شهر مايو، وهو عيد العمال في مختلف أنحاء العالم، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي رحّلت اليوم إلى يوم الاثنين الأول من سبتمبر، لعدم الاحتفاء بحركة الاشتراكيين، ويُعد عيد العمال هو اليوم الذي خرج فيه 40 ألف عامل بالولايات المتحدة الأمريكية يطالبون برفع الأجور، وتحديد ساعات العمل في اليوم بثمان ساعات، وهو ما أدَّى إلى هجرة الشركات والمصانع إلى أماكن أخرى مثل كمبوديا للاستفادة من حقوق العمال المتدنية وأجورهم الأقل، فبعد إزاحة حزب “الخمير الحمر الشيوعي” عن الحكم في كمبوديا، جاء المجتمع الدولي ليقدم المساعدات، وجاءت المصانع والشركات بالاستثمارات، وجاؤوا بالسراويل الجينز الزرقاء التي تحمل طابعًا أمريكيًّا وتمثل الثقافة الأمريكية.
تُمثل صناعة الملابس في كمبوديا ثلاثة أرباع صادرات البلد، وتُعد السراويل الجينز من ماركة “ليفايس” ضمن هذه الصادرات، وعلى الرغم من وجود مصنع ليفايس في كمبوديا، فإن السراويل الجينز ليست للبيع على أراضيها، لعدم قدرة أهل البلد على دفع ثمن شرائها، وفي المقابل يمكنك أن تجد مديرًا للسياحة الجنسية يعرض الفتيات للجنس مقابل المال، فسراويل ليفايس ليس للبيع في كمبوديا، أما الهوى والجنس فهما للبيع، وتلك هي نقطة التقاء المُنتج والمُستهلك في كمبوديا!
قابل “كيلسي” الرئيس المحلي لشركة “ليفايس” ولكنه أخبره أن المصنع الذي أنتج سرواله لم يعد يعمل معهم، بسبب عدّة أسباب منها ظروف العمل السيئة وعدم الكفاءة وانخفاض الأسعار، ثم قابل “كيلسي” بعد ذلك مجموعة من الفتيات في سن العشرين ممن يصنعن السراويل من ماركة ليفايس، وأخبروه عن وظيفة كل واحدة منهن في أثناء عملية التصنيع، وكانت الفتاة الواحدة تكسب 45 دولارًا في الأسبوع، وقد يصل الأجر إلى 70 دولارًا حسب عدد ساعات العمل الإضافية، وطرح عليهم “كيلسي” سؤالًا: ماذا تقولون لشخص لا يريد شراء السراويل الجينز التي تنتجونها لأنكن تتقاضين أجرًا قليلًا وتعاملن معاملة غير عادلة؟ فقالت الفتيات: إذا كان سيدفع 45 دولارًا ثمن السروال الجينز، فهذا يساعدنا، لكن إذا لم يشتر الناس منتجاتنا فإن ذلك لا يساعدنا، لأننا لن نجد عملًا نعول به أسرنا!
إن الحياة بالنسبة إلى الشباب والفتيات وحتى الأطفال في كمبوديا وبنجلاديش وغيرهما في دول الشرق، تختلف عما هي عليه في دول الغرب مثل أمريكا، إذ يعملون ويُرسلون مبالغ كبيرة إلى أسرهم لإعالتها، فالأسرة بالنسبة إليهم هي كل شيء، بينما العكس يحدث في الغرب، إذ يكون الآباء مسؤولين عن الأبناء حتى سن الثامنة عشرة، وبعد ذلك من المقبول اجتماعيًّا وقانونيًّا أن تقطع عنهم جميع سُبل الدعم المادي، لذلك تتمتع الأسر في الشرق بقدر كبير من الترابط، ويقدمون الأسرة على الحرية المالية.
الفكرة من كتاب أين تصنع ملابسنا؟ رحلة حول العالم لمقابلة صنّاع الملابس
سأل الكاتب نفسه سؤلًا، وهو أين تُصنع ملابسي؟ ولأجل الإجابة عن هذا السؤال خرج الكاتب من بلده وخاض رحلة حول العالم زار فيها المصانع المنتجة لملابسه للحصول على الإجابة، وحتى يتعامل بوصفه مستهلكًا وجهًا لوجه مع المُنتج دون وسيط، وخلال الكتاب يعرض لنا الكاتب أحوال العمّال وظروف عملهم، وأحوالهم الاجتماعية، وكيف السبيل إلى تحسينها.
مؤلف كتاب أين تصنع ملابسنا؟ رحلة حول العالم لمقابلة صنّاع الملابس
كيلسي تيمرمان: صحفي مستقل، ومتحدث تحفيزي من ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، له كتابات منشورة في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية.
معلومات عن المترجم:
رشا صلاح الدخاخني: مترجمة مصرية تخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة، وعملت منذ تخرجها في مجال الترجمة للعديد من المكتبات ودور النشر، وحاصلة على دبلومة ترجمة الأمم المتحدة والترجمة القانونية من الجامعة الأمريكية، تعمل حاليًّا في وظيفة مترجم أول بمؤسسة هنداوي، من ترجماتها:
رفقة الغرباء: تاريخ طبيعي للحياة الاقتصادية
التدريس المُتمركِز حول المُتعلِّم
صانع المعجزات