السادومازوشية
السادومازوشية
السادومازوشية مصطلح مركب من السادية والمازوشية، وكلتاهما حركة شاذة عن الفطرة السوية للإنسان ظهرت حديثًا في المجتمع تعبر عن نفسها بأنها تسعى للهروب من الألم، وتستخدم الألم للمتعة، وهي تقوم بتجارب جنسية مليئة بالتعذيب والعنف والسب والإهانة، وهكذا من مختلف أنواع الألم الجسدي والنفسي، وأصحاب هذه الفئة يفضلون دائمًا درجات حادة من الألم والإكراه والضغط بالمشاعر المؤلمة كالخوف والعقاب والتثبيت وهكذا، ليشبعوا رغباتهم، كما ذكر الكاتب: “في نظر ريك، يستمد المازوشي لذَّته لا من الألم وإنما مما يسمح به الألم؛ فهو لا يمكنه اكتساب لذَّته من غير أن يتعذَّب”.
وتُعرف السادومازوشية أيضًا بالفيتشية، وهي تعتبر حركة غريبة الأطوار تبحث عن المتعة واللذات من خلال الألم الجسدي والنفسي خلال العلاقات الجنسية، ويكون أحد طرفاها مسيطرًا والآخر خاضعًا له مُتلبِّسين شخصيات غير شخصياتهم وملابس بهلوانية وأكسسورات غريبة متعدِّدة، ويستخدمون أدوات حادة وحبالًا من أجل التثبيت، والمازوشية نفسها ما هي إلا تعبير عن القسوة، ويقول عنها الكاتب: “هي محاولة لعدم الاصطدام بحدث مع الارتماء أمامه تبعًا لمنطق الضحية”، لكنه يختلف عن السادي، وهو لا يتحمل إلا العنف المتوقع، أما السادي فهو يمارس كل عنف غير محتمل وغير متوقع، وأفراد المازوشية في الغالب يستخدمونها بحثًا عن الشفاء من خلال التعذيب، وذلك لأنهم عانوا أمراضًا خطيرة منذ طفولتهم فتحملوا الآلام بالإكراه فدفعهم هذا ليكونوا هم أدوات تعذيب لغيرهم ويصبحوا هم “السيد المُسيطر” وهناك من تعرضوا للاغتصاب في طفولتهم، أما الضحية ففي الغالب شخص يبحث عن الشعور بالحياة، وأن يكون له قيمة ما، وأن يكون هناك ألم يفوق ألم الحياة ومساوئها أمامه.
يقول روني أثي وهو أحد أفراد السادومازوشية: “أضع ثلاثين إبرة تحت جلد ساعدي، أو أخز الجبهة بشكل متكرِّر، فأحس بشحنة عاطفية متكرِّرة”، إنه هنا يجعل من آلامه وعذابه ناتجًا لفقدانه أصدقائه وأراد أن يكون هو المسيطر الوحيد في آلامه، فالسادومازوشي والمازوشي يريدان أن يقرِّرا آلامهما ويتحمَّلا بأنفسهما أي آلام أخرى تصيبهما، فما هي إلا جزء مما عندهم.
الفكرة من كتاب تجربة الألم بين التحطيم والانبعاث
هذا الكتاب امتداد لكتاب أنثروبولوجيا الألم لمؤلفنا دافيد لوبروطون، ويعرض فيه الجانب الاجتماعي والثقافي للألم، وهنا يعرض لنا تجربة فريدة من نوعها في علم النفس، وهي تجربة الألم وكيفية التعايش معه والتعبير عنه وعلاقته بالعذاب واللذة عند الإنسان، وظهور فئة تستمد المتعة بالألم مثل حركة السادومازوشية وغيرها، فالألم هو شعور بشري يُصيب الإنسان لأسباب متعددة، منها الألم الجسدي مثل الصداع أو أوجاع مرض ما، والألم النفسي نتيجة فقد عزيز، أو بسبب خسارة ما أصابتك بألم الحزن، وهكذا، وهناك ألم بهدف اللذة، وهناك ارتباط بين الشعور بالألم والعذاب، فهو إحساس يصيب الجميع دون مفر، وقد يكون عابرًا أو مُلازمًا للشخص، وهو ضريبة ملازمة للوجود الإنساني والجسدي للبشر.
مؤلف كتاب تجربة الألم بين التحطيم والانبعاث
دافيد لوبروطون: أنثروبولوجي وعالم اجتماع فرنسي، أستاذ بجامعة ستراسبورغ، وعضو في المعهد الجامعي الفرنسي، وباحث في مختبر الديناميات الأوروبي، وهو متخصِّص في تمثيل الجسم البشري ووضعه في الاعتبار، وقد درسه بشكل خاص من خلال تحليل السلوك المحفوف بالمخاطر، وله أبحاث مهمة في حقل العلوم الاجتماعية المعاصرة، وله اهتمامات جانبية نادرة، من بينها بحثه في كتابنا هذا “تجربة الألم بين التحطيم والانبعاث”.
وله عدة كتب منها: “الصمت لغة المعنى والوجود”، و”أنثروبولوجيا الحواس: العالم بمذاقات حسية”، و”أنثروبولوجيا الألم”، و”سوسيولوجيا الجسد”، و”أنثروبولوجيا الجسد والحداثة”، وغيرها.
معلومات عن المُترجم:
فريد الزاهي: كاتب ومترجم وناقد فني مغربي، حصل على شهادة الإجازة في الفلسفة وعلم النفس، ثم على شهادة الدراسات المعمَّقة في الأدب المقارن، كما حاز دكتوراه السلك الثالث في الدراسات والحضارات الإسلامية من السوربون.
وله عدة مؤلفات منها: “الجسد والصورة والمقدس في الإسلام”، و”العين والمرآة”، وغيرهما، كما له عدة ترجمات، ومنها: “الصمت – لغة المعنى والوجود”، لدافيد لوبروتون”، و”كيف نحلم؟”، لإيزابيل أرنواف”، و”السحر والدين في أفريقيا الشمالية”، لإدمون دوطي، و”هل يمكن تعديل الدماغ؟” لكريستيان مارينداز، وغيرها.