الزوجية سُنة خلق
الزوجية سُنة خلق
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾، فقد خلق الله من كل شيء زوجين اثنين ليُكَوِّنَ ثمرة صالحة منهما، وهذه الزوجية في البشر تختلف عما في الحيوانات والجمادات، ففي البشر حرية الاختيار أوسع لكن النتائج حتمية وتكون تبعًا لاختيارك، فمثلًا الإنسان له الحرية في اختيار الجهل لكن ليس له الحرية في تجنُّب التخلف المتولِّد من هذا، وكذلك الحتمية في نتيجة اختيارك لزوجة صالحة أو عمل صالح.
ففي كل أعمال الإنسان يملك حرية اختيار الأسباب ولكن الله يلزمه “بالعاقبة”، ولن ينقذ الأفراد والأمم “الإيمان” لأنهم ألبسوا بظلم سوء الاختيار، وقد قال الله تعالى: ﴿الذَّين آمَنُوا ولَمْ يلبسوا إيمانهُم بِظُلمٍ أُولئك لهم الأمن وهُم مُّهتدُونَ﴾.
والتطبيق للزوجية ليس فقط من تزاوج الأجساد الذي ينتج عنه ذرية، ولكنه تزاوج أفكار وأعمال وبيئات يبني سكنًا متكاملًا، فإن كان البناء صالحًا صلُحت النتيجة وإن كان فاسدًا فسدت النتيجة، فالتماثل هنا بينهما أخلاقي وفكري، وانطلاقًا من مفهوم التزاوج في القرآن أُطلق على كلا نوعي الزوج والزوجة اللذين بينهما رباط شرعي كلمة واحدة وهي “الزوج” ولم يطلقه على المرأة ما لم تقم علاقة تزاوجية بينها وبين الرجل، وأيضًا على الرجل وأتباعه الذين يماثلونه في الاعتقاد والعمل، وذلك عند قوله تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾، فإن مفهوم الزواج في القرآن تكاملي من فكر وإرادة وعمل وإنجاب، لذا لم يُطلق على نساء الرسل اللاتي لم يماثلنهم عقيدةً كلمة زوجة مثل “امرأة لوط” وليس “زوج لوط”، ولأن حواء كانت تماثل سيدنا آدم قال الله (عز وجل): ﴿اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾، وعلى لسان زكريا قوله ﴿وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾، وذلك قبل الإنجاب ولأنه لم يحقِّق العمل المقصود من الزواج.
ولكنَّ هناك خطرًا آخر وهو خارج إطار بيت الزوجية في علاقة الرجل بالمرأة، والتي تكون متجرِّدة من الهدف الأساسي للزواج، فهي تهب نفسها له لتحصل على الحب والانتماء، وهو بالمقابل يحصل منها على التقدير فتكون علاقة سُميت في القرآن “فاحشة” فينتج عنها تشوُّه المواليد وكوارث نفسية وأمراض مزمنة لم يُكتشف أدوية لها بعد.
الفكرة من كتاب رسالة مفتوحة إلى الفتاة المسلمة في عصر العولمة
منذ عقود وكل الجدالات حول المرأة تتمركز حول “ماهية نموذج المرأة المسلمة”، لكن في الأزمنة المعاصرة الحديثة تحوَّلت المرأة من نموذج إلى سلعة من أجل سوق العمل أو سلعة تروِّج لزيادة الاستهلاك عن طريق الجمال والشهرة وغيرها من أمراض العصر الحديث، فالمرأة هي المركز الذي تدور حوله الأسرة المسلمة، ومع تفكيك الأسرة المسلمة تسمَّمت أفكار الفتيات المسلمات وأصبحن بلا هوية ولا رادع، فهن بحاجة إلى إدراك تحديات هذا العصر وكيفية مواجهته.
مؤلف كتاب رسالة مفتوحة إلى الفتاة المسلمة في عصر العولمة
ماجد عرسان الكيلاني: مفكر ومؤرخ تربوي، ولد في الأردن عام 1351 هـ/ 1932م، حاصل على شهادة ماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة ماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة دكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
من أبرز أعماله: “هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس”، و”فلسفة التربية الإسلامية”، و”مقومات الشخصية المسلمة”، و”الأمة المسلمة”.