الزواج السعيد: مفاتيح أخلاقية
الزواج السعيد: مفاتيح أخلاقية
إن أول سبب للسعادة الزوجية هو البُعد عن النكد، فالزوجة يجب ألا تنكد على زوجها بمراقبة كل أفعاله باستمرار خشية أن يتزوج عليها فهذا مما يسبب الضيق للزوج، بل عليها أن تراعي حقوقه كما يراعي هو حقوقها، وبالمثل يلزم الرجل أن يتجنَّب التنكيد على زوجته بنقد لاذع أو تقبيح، بل إذا تطلَّب الأمر فليكن برقة ولطف وهدوء، ومن ذلك فإن النكد سواء كان من الزوج أو الزوجة فهو كما يصفه كارنيجي “سهم قاتل للسعادة الزوجية”.
ومن الأسباب الأخرى للسعادة الزوجية: الصبر على الطبائع الإنسانية المتأصِّلة في الشريك بحيث يكون كلٌّ على سجيَّته ويتفهَّم الآخر، وأن له جوانب حميدة عديدة، فلا يؤاخذه بتقصير في جانب من الجوانب كما لو أنه سيئ كل السوء! قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضيَ منها آخر”، ومن الأسباب كذلك الثناء والمدح حتى على أقل الأشياء، فتقول لزوجتك مثلًا: “إن طهيك اليوم شهي ولذيذ”، أو تجمِّل الزوجة من ملابس زوجها فتقول إن مظهره أنيق جدًّا ونحو ذلك، وهذا مطلب شرعي في الأساس كما ذُكر من حثٍّ للشرع على إدخال السرور على الآخرين، فمن باب أولى أن يكون ذلك لشريك الحياة، وعدَّ الإسلام ملاطفة شريك الحياة من الإيمان كما جاء في الحديث النبوي الشريف: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ”.
ولعل من المُلاحظ أن الانفصال والطلاق قد كثُر هذه الأيام لأتفه الأسباب وأصغرها، والسبب في ذلك إغفال أمور بسيطة جدًّا تحسِّن من علاقتك بشريك الحياة مثل الوداع عند مغادرته أو إحضار هدية له، ولو أن كل زوج وزوجة منحوا مثل تلك الأمور حقها لوجدوا الألفة والمودة والحب بينهم بخلاف لو تركوها، وقد جاء الإسلام مرغبًا في هذه الأشياء البسيطة لعِظم أثرها، إذ جاء في الحديث: “لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا”، وأرشدنا في حديث آخر: “تهادَوْا تحابُّوا”.
الفكرة من كتاب أليس في أخلاقنا كفاية؟
حظيت كتب الكاتب الأمريكي ديل كارنيجي Dale Carnegie بالشهرة الواسعة حتى أنها تُرجِمت إلى لغات عديدة وطُبعت مئات الطبعات وطارت بها الأرض كلها على الرغم من أن ما فيها ليس جديدًا، ولكنها كانت خلاصة تجاربه الحياتية، وقد دفع ذلك الدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى لتأليف هذا الكتاب؛ فيقابل فيه بين ما ذكره كارنيجي في كتابه “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” وبين ما هو حاضر في السياق الإسلامي سواء بذكر الأدلة على المسألة الواحدة أو بنقدها وبيان الصواب فيها أو بتفصيل أمرها المُجمل.
مؤلف كتاب أليس في أخلاقنا كفاية؟
يحيى بن إبراهيم اليحيى: ولد عام 1376 هجرية بالسعودية، وحصل على الدكتوراه عام 1412هـ من قسم السيرة والتاريخ بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وشغل منصب وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم.
وله مؤلفات أخرى منها: “مشاهدات في بلاد البخاري”، و”أليس في أخلاقنا كفاية”، و”المنتقى من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى”.