الزهراء
الزهراء
خُصَّت السيدة فاطمة الزهراء بمناقب كثيرة عمَّا كان عليه أخواتها (رضوان الله عليهن جميعًا)، فمن جهة الأنسابِ والشرف، كان نسلها (رضي الله عنها) هو النسل الباقي، وبهِ يصلُ النسب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم)، فكأنَّ ما قاله كفار قريش بأنه (صلى الله عليه وسلم) أبتر، لا يمتدُّ نسبه، رُدَّ بنسل السيدة فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) وكُفي بِه أذاهم، فكانَ هذا تشريفًا وتعظيمًا لمكانتها، أم ريحانتي الرسول (صلى الله عليه وسلَّم)، وسيِّدي شبابِ أهل الجنَّة كما بشر الله تعالى نبيَّه بهما: الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، فهما ولدا السيدة فاطمة، وسيدنا علي (رضي الله عنهما)، وزاد هذا على ما شرَّفها الله به شرفًا آخر، ورفعة أخرى، ومنزلةً فوقَ المنزلة، وأقرَّ الله تعالى بهما عيني رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلَّم)، وتلا هذا التشريف ما حظيت به الزهراء من حظٍّ وافِر من الصبر، وقد لاقت في الدُّنيا ما لاقت من مصائب شتَّى، فقد تُوفيَ أبوها (صلى الله عليه وسلَّم)، وأمُّها وأم المؤمنين خديجة، وإخوتها جميعًا في حياتِها، رحلوا جميعهم وفي نفسها منهم جميعًا نصيبٌ من حُبٍّ، وذكرياتٍ طيِّبة، وشوقٍ غامِر، وما شُوهِدت إلا صابرة محتسبة، ولا نطقت إلَّا بما يُرضي ربَّها، حتى أنها يوم وفاةِ الرسول (صلى الله عليه وسلَّم) قالت رثاءها الشهير المليء بالرضا، والصبر على المُصاب الأعظم:
“يا أبتاه.. أجاب ربًّا دعاه
يا أبتاه.. من جنَّة الفردوس مأواه
يا أبتاه.. إلى جبريل ننعاه”.
وهكذا كانت دومًا صابرةً على الدُّنيا، راضيةً بمُصابِ الله فيها، زاهدةً فيما عند الناس إلى ما عند الله (رضي الله عنها وأرضاها)، وصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) في بُشراه، ولحقِت به بعد ستَّة أشهر من وفاته (صلى الله عليه وسلَّم) وما ضحكت فيهنَّ أبدًا.
الفكرة من كتاب الصدِّيقتان: مُدارسات في تجلِّيات الاصطفاء للصدِّيقتين فاطمة وعائشة (رضي الله عنهما)
لقد منَّ الله على العالمين بالدين الحنيف، الذي عرَّج بالعباد من غياهِب وظُلمات الأرض، إلى رحابة ونور السماء، ومن دنس الشرك إلى طُهر الإيمان، وإن البيت النبوي مثال كامِلٌ أخَّاذ لِأثر الإيمان العميق في نفوس أهلِه، وكيف تشكَّلت شخوصهم في رحاب الطُّهر، وسويَّة الأنفس، وجمال إيمانها، وقد سطع نجمانِ في سماء بيت النبوَّة، كانتا تجسيدًا لِصدقِ المحبَّة، وصِدق الإيمان، وصِدق الاتِّباع، حتى أنَّهما لشدة صدقيهما استحقَّتا أن تُلقَّبا بالصدِّيقتين، وهذا الكِتاب إنما هو عرضٌ للجماليَّات، واستقراءٌ في أسابِ النوالِ، والرِّفعة، والشرف.
مؤلف كتاب الصدِّيقتان: مُدارسات في تجلِّيات الاصطفاء للصدِّيقتين فاطمة وعائشة (رضي الله عنهما)
وجدان العلي: سيد بن علي عبد المعين، مصري، وُلِد في الحادي عشر من يونيو لعام 1979م، حصل على ليسانس اللغة العربية كُلية الآداب، جامعة القاهرة، شاعرٌ، وأديبٌ، ومُحقِّق في التراث الإسلامي، وعمل بمجال الدعوة، وامتدَّ نسبه إلى علَّامة اللغة العربية محمود محمَّد شاكر المُلقَّب بأبي فهر، والذي تأثَّر به ولازمه أكثر من خمس سنوات، له من المؤلَّفات “صادق بكَّة”، و”ظِلُّ النديم“، وزخرت الشبكة العنكبوتيَّة بالعديد من مقالاته المتنوِّعة.