الزمن في لغة العرب
الزمن في لغة العرب
تظهر عراقة اللغة وتطوُّرها من علامات الزمن في أفعالها، وقد شاع بين المستشرقين أن اللغات السامية ناقصة في دلالتها على الزمن لأن أهلها بدو يسكنون الصحاري، فلا قيمة للوقت عندهم، وهذه النظرة الواهمة ينكرها التاريخ قبل ألفاظ اللغة؛ فكل لحظة من الليل والنهار لها أهمية عند سكان البادية، لذا تجد كلمات مثل: البكرة والغدوة والضحى والظهيرة والقائلة والأصيل والعشاء والهزيع والسحر والفجر وغيرها، وتجد للأوقات المختلفة ألفاظًا تتفاوت دلالتها من الطول والقصر كالبرهة واللمحة، وهذا التقسيم الدقيق قلما تجده في اللغات الأخرى.
هذا الاهتمام الذي ولاه العرب للزمان سببه أن الماضي مستودع الأنساب ومحل المفاخر، وللحاضر في كل لحظة منه شأن في الحركة والإقامة والحرب والسلم والمرعى والتجارة، ومن مظاهر قوة الزمن في العربية: أسلوب النفي فإن قولنا “لم يحدث هذا” يفيد قصر النفي على الزمن الماضي، بينما “ما يحدث هذا” يفيد نفي الانبغاء أي ينبغي ألا يحدث هذا أو لا يُعقل، لذا تدخل “ما” على الماضي والمضارع معًا، أما “لن يحدث هذا” فيقرر امتناع الحدوث لا مجرد نفيه، وأما “لمَّا يحدث هذا” فيفيد ترقُّب حدوث الفعل.
ومن مظاهر التطور -أيضًا- استيفاء أدوات الشرط في العربية لجميع الأغراض؛ فمنها ما يتعلق بالاحتمال مثل “إنْ”، وما يتعلق بالامتناع كـ”لو”، وما يتعلق بالزمن كـ”متى” وما يتعلق بالنتيجة والسبب كـ”مهما” و”أيان”، فاللغة العربية هي لغة الزمن لأنها تحسن التعبير عنه من جهة، وتفي بمسايرة كل العصور المستقبلة من أخرى، فلا يعيبها خلل في أصول التعبير ولا نقص في المفردات.
الفكرة من كتاب اللغة الشاعرة
تنفرد اللغة العربية بأنها لغة شاعرة، ليس لأنها صالحة لنظم الشعر فحسب، بل لأنها بُنيَت على نسق الشعر في أصوله الفنية والموسيقية، فهي بذاتها في جملتها منظوم منسق الأوزان لا ينفك عنها بأي حال من الأحوال.
في كتاب “اللغة الشاعرة” يطالعنا العقاد على أهم خصائص اللغة العربية وما تمتاز به عن سائر لغات العالم، وثراء حروفها ومفرداتها الفصيحة الصريحة التي تحمل بداخلها موسيقى خفية.
مؤلف كتاب اللغة الشاعرة
عباس محمود العقاد: كاتب وشاعِر، وفيلسوف، ومؤرِّخ، وصحفي، كان على رأس حقبة خصبة من تاريخ الفكر العربي في القرن العشرين، وعضوًا في مجمع اللغة العربية، وأسس مدرسة الديوان الشعرية مع صاحبيه المازني وعبد الرحمن شكري، واشتهرت معاركه الأدبية مع كبار أدباء عصره أمثال الرافعي وطه حسين وأحمد شوقي ومصطفى جواد، وقد ولد بأسوان عام ١٨٨٩ وتوفي عام ١٩٦٤.
من أهم مؤلفاته:
سلسلة العبقريات.
ساعات بين الكتب.
أنا (سيرة ذاتية).
التفكير فريضة إسلامية.