الزمان
الزمان
تحاول الرياضة دائمًا فرض نسق خاص على سريان الزمان، فبتحديد وقت لبدء المباراة وفواصل بين الأشواط تفرض عليه سياقات متقطِّعة ومستمرة تحيط بأحداث المباراة، فهي وسيلة لشغل الزمان وإعادة تعريفه بتحدٍّ واضح، وفي إطار الحرص على ذلك المعنى تفرض العقوبات على الممارسات كالتمثيل وإضاعة الوقت التي تهدف إلى تعطيل متعمَّد لوقت اللعب، ويضاف في كثير من الألعاب الوقت الضائع كتعويض، أو يتم إيقاف زمن المباراة عند توقُّفها مؤقَّتًا.
تنتهي المباراة بانتهاء وقتها المحدَّد سلفًا، وبنتيجة فوز أحد الطرفين، أو فرض نتيجة التعادل على الآخر، غير أنه في بعض الأحيان كالنهائيات والكؤوس لا يسمح فيها بنتيجة التعادل، وفي رياضات أخرى كالتنس لا تعرف حدًّا زمنيًّا للانتهاء قبل الفوز بمجموع النقاط، وأثناء سريان الوقت تتنوَّع أنماط اللعب والحركة داخل اللعب، وتختلط المشاعر بالدقائق وتتحكَّم في رتم مرورها، فالفائز الذي يدافع عن النتيجة يمر الوقت عليه ببطء نتيجة الخوف والترقُّب عكس الخاسر.
يخضع السياق الداخلي للوقت المتمثِّل في المباراة إلى تخطيط خارجي يهدف إلى تنظيم الأحداث الكبرى بشكل متزامن يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح والحفاظ على النزعة التجارية والاستهلاكية للرياضة، فتكرار البطولات يؤدِّي إلى هدم الهوَّة بين المتنافسين ويمكِّنهم من الثأر ورد الهزيمة مما يخفِّف من حدة المنافسة، حتى أحداث المباراة نفسها قد يتبادل فيها الطرفان الأهداف والسيطرة على الكرة.
مع تنامي رغبة التنافس تم اختراق الإطار الزمني الحاضر، وبظهور السجلات الرياضية سُمِح للمتنافسين من أزمنة وعصور مختلفة إلى مقارنة أرقامهم بعضها ببعض، وأصبحت الأرقام القياسية هدفًا بحد ذاته خصوصًا في الألعاب الفردية، ما زاد من كفاءة الرياضة وجنوحها إلى المزيد من الإحصاء والتطوُّر والمراجعة.
الفكرة من كتاب فلسفة الرياضة
لو اخترنا النشاط الأبرز والأكثر تأثيرًا في آخر قرنين لكانت الرياضة وبلا أدنى تردُّد، فهي متربِّعة على عرش الممارسات الإنسانية، وتتجاوز الرياضات الحديثة حدود اللهو واللعب العاديين إلى اتخاذها أشكالًا أكثر تنظيمًا وتركيبًا بحيث تخدم أهدافًا اقتصادية وجماهيرية أعرض، ولا تزال التطوُّرات والتعديلات تلقي بظلالها على نوعيها الفردي والجماعي بهدف جعلها أكثر إشباعًا لحاجات الجمهور، فما السبب في تلك الحفاوة الكبيرة، أي ما جوهر الرياضة؟ وما الذي تشترك فيه أنواعها المختلفة؟ وهل لاختلاف أدواتها وقواعدها أسباب فلسفية ما؟
مؤلف كتاب فلسفة الرياضة
ستفين كونور: أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة كامبريدج، أدار سابقًا مركز كونسورتيوم للأبحاث في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وشغل منصب أستاذ الأدب الحديث بكلية بيركبك بجامعة لندن، ويهتم بدراسة التاريخ من جانبه الثقافي المرتبط باللغة والفلسفة، من أهم مؤلفاته: “مادة الهواء: علم وفن ما هو أثيري”، و”الحشرة”، و”كتاب الجلد”.
معلومات عن المترجم:
طارق راشد عليان: باحث ومعد برامج في شبكة قنوات أبوظبي، عمل محررًا ومترجمًا في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حصل على جائزة الترجمة للشباب في دورتها الثالثة لعام 2015م ، ينشر أعماله في العديد من المجلات مثل: “العربية” و“الثقافة العالمية”.
من أهم أعماله: “التعليم العالي في عصر الإنترنت”، و“عندما يسقط العمالقة”.