الرواج الاقتصادي
الرواج الاقتصادي
في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، حدثت تغيرات جوهرية في المملكة العربية السعودية بسبب الارتفاع الكبير في سعر النفط في الأسواق العالمية، ومع زيادة الدخل شرعت الدولة في تنفيذ برامج ومشروعات ضخمة للتنمية، ويُطلق على هذه الفترة اسم الطفرة، وقد تجلت بأشكال مختلفة في عنيزة، إذ انتقل السكان إلى مساكن جديدة حصلوا من أجلها على قروض من صندوق التنمية العقارية، وقدم البنك الزراعي سلفيات لمن يستصلحون الأراضي، مما أدى إلى دخول كل من المزارعين ورجال الأعمال إلى مجال إنشاء المزارع، واستقدام عدد كبير من الأيدي العاملة، وإنشاء شركات لحفر الآبار وغيرها من الأعمال المتصلة بالزراعة والري، كذلك شهد كل من التعليم والرعاية الصحية توسعًا، وفتحت معظم البنوك الكبيرة فروعًا لها في عنيزة، كما شقت طرقق جديدة، واتسعت المكاتب التابعة للوزارات، مما أدى إلى زيادة فرص العمل لكل من الرجال والنساء والوافدين، وشرع البدو في الاستقرار بالمدينة، وحدث رواج في السوق نتيجة توافر الأموال.
أسهم السكان المحليون أيضًا إسهامات فردية أو عن طريق الجمعيات التطوعية والهيئات الخاصة من أجل إحداث تطور على المستوى المحلي، فعلى سبيل المثال أسس عدد كبير ممن درسوا في أول مدرسة خاصة في عنيزة، أنشئت في عام 1926م، مركزًا ثقافيًّا يحمل اسم مؤسس المدرسة “ابن صالح”، يهدف إلى تقديم مجموعة من البرامج تسهم في الحياة الثقافية في عنيزة، بينما أسهم آخرون بتأسيس اللجنة الأهلية التي تشكلت في عام 1962م، وتتألف هذه اللجنة من مجموعة من المتطوعين، إذ يشرفون على مركز الخدمات الاجتماعية، الذي يعمل على تنفيذ برامج حكومية وشعبية لمواجهة احتياجات المجتمع المحلية، مثل: برنامج رعاية الأطفال قبل سن المدرسة، وبرنامج دور الفتاة، المخصص لمحو الأمية وتعليم الإناث الخياطة والقرآن والكتابة على الآلة الكاتبة واللغة الإنجليزية.
وما زال في عنيزة عدد من الإناث الأميات، معظمهن بدويات انتقلن إلى المدينة حديثًا أو عاملات زراعيات سابقات، وهن يتولين البيع في سوق الحريم، الجزء المخصص للنساء، ويحصلن على بضاعتهن من تجار الجملة بالائتمان، بعد أن تتمكن البائعة من كسب ثقة التاجر، وبعضهن يتمكن من ادخار مبالغ كبيرة واستثمارها في شراء الأرض والمباني، بينما تضطر أخريات إلى الاقتراض من مقرضي النقود لسداد ديونهن أو للبدء في البيع والشراء.
الفكرة من كتاب عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية
عند ذكر تاريخ المملكة العربية السعودية تتبادر إلى الذهن مساحة شاسعة من الصحراء، تفتقر إلى أي نوع من أنواع التنظيم الاجتماعي والسياسي، وينقسم سكانها إلى قبائل ترعى الإبل والأغنام، أي مجتمع لم يعرف حياة الحضر حتى ظهور النفط، ولكن هذا مفهوم خاطئ، فالحياة البدوية تُعد عنصرًا واحدًا من عناصر المجتمع السعودي القديم، إذ كانت هناك مدن مستقرة تعتمد على الزراعة والإنتاج الحرفي والتجارة، منها مدينة عنيزة، التي سنتعرف إلى مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها قديمًا، كما سنتتبع التحولات التي شهدتها المدينة بعد قيام الدولة الجديدة.
مؤلف كتاب عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية
دونالد كول: أستاذ فخري في الأنثروبولوجيا في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة تكساس في عام 1963م، ثُمَّ حصل على درجة الماجستير في عام 1968م، ثُمَّ درجة الدكتوراه في عام 1971م من جامعة كاليفورنيا، انضم إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1971م، وأجرى أبحاثًا ميدانية واسعة النطاق في المملكة العربية السعودية ومصر، صدرت له عِدَّة مؤلفات، منها:
أهل مطروح: البدو والمستوطنون والذين يقضون العطلات.
الطريق إلى الإسلام: من تكساس إلى المملكة العربية السعودية ومصر.
معلومات عن المترجمين:
د. جَلَال أمِين: عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، حصل على درجة البكالوريوس من كلية الحقوق بجامعة القاهرة في عام 1955م، ثُمَّ حصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، وفي عام 1965م شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، ثُمَّ عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية في عام 1974م، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في عام 1978م، وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1979م، وله عِدَّة مؤلفات، منها:
خرافة التقدم والتأخر.
عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر.
ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945 إلى 1995.
أ. أسْعَد حَلِيم: مُترجم، ترجم عِدَّة مؤلفات، منها:
الرؤيا الإبداعية.
روح الشعب الأسود.
الخيارات الذكية: دليل عملي لاتخاذ قرارات أفضل.