الرقابة المجتمعية
الرقابة المجتمعية
إذا كانت التنشئة الاجتماعية هي الرافد الأساسي لطبع المقومات الأساسية لأي مجتمع في قوالب أجياله، فإن بعض أفراده قد يحيدون عن النسق العام للطابع المجتمعي، لذا يحتاج الأمر إلى مراقبة تضمن تقويم الأخطاء وانتظام الأفراد وفق المعطيات المجتمعية السائدة مع عدم الشذوذ عنها، وبذلك تكون بمثابة صمام أمان للتماسك الاجتماعي ومنع المجتمع من التفسُّخ والانحلال.
وتتم ممارسة تلك العملية الرقابية عبر مستويات عدة، لعل أولها يرتبط بالأسرة وعلاقة الأم بطفلها لتستمر الرقابة المجتمعية بعد ذلك طيلة حياة الفرد فتشمل الاستعلامات والفحوصات اللازمة لشغل أي وظيفة، بل حتى في التقاليد الشعبية عند التقدم لخِطبة عروس يستلزم الأمر قيام أهلها بالسؤال عن الخاطب، وهذا بدوره يشكِّل أحد أشكال الرقابة الذاتية التي يمارسها المجتمع على أفراده، ففي كثير من الأحيان لا يتطلَّب الأمر دخول جهة ما، بخلاف الرقابة القانونية التي تستلزم تدخل بعض المؤسسات العامة المختصة بالعدالة لتطبيقها، لكن في الوقت نفسه تعد تلك المعايير القانونية جزءًا منبثقًا من نظيرتها المجتمعية، لذلك فبينهما نوع ما من العموم والخصوص.
وينشأ الانحراف المجتمعي جراء التحلُّل من القواعد الاجتماعية السائدة، مما يشكِّل خطرًا على التنظيم الاجتماعي برمَّته خصوصًا مع هذه العولمة الفكرية والغزو الثقافي الذي يحمل في طياته العديد من العادات الغريبة على المجتمع المحلي، لذا استوجب الأمر بعض العقوبات التي تتناسب مع حجم الانحراف وضرره، فالجريمة وإن أخذت طابعًا فرديًّا فإنها في الحقيقة تمثِّل تهديدًا للبناء المجتمعي بأكمله وخروجًا على الإطار العام لمشاعره الجمعية، كما تعد العقوبات الرادعة وسيلة مباشرة لتقليم أظافر النزعات الفردية للأفراد والتي من شأنها أن تهدِّد أركان السلم المجتمعي، لذا كانت معاقبة المجرم وسيلة من وسائل إحياء الضمير الجمعي واستثارة لصوت الأنا العليا داخل النفس البشرية لمنع النزعات غير المشروعة من التفلُّت.
الفكرة من كتاب الدروس الأولى في علم الاجتماع
يطوف بنا هذا الكتاب في دراسة العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وكيف تتشكَّل الشخصية الجمعية المميزة لكل جماعة عن غيرها، كما يلمس أهم المواضيع الاجتماعية المعاصرة كالثقافة والتنشئة الاجتماعية، والسلطة السياسية وما يتعلَّق بصناعة الرأي العام وكيف يتشكَّل، إلى غير ذلك من القضايا المهمة.
مؤلف كتاب الدروس الأولى في علم الاجتماع
فيليب ريتور: أستاذ وباحث بعدة جامعات ومعاهد فرنسية، له العديد من الكتب والدراسات في علم الاجتماع، لا سيما الكتب التي تُعرَف بفرع السوسيولوجيا، وعُرِف الكاتب أكثر بانشغاله حول سوسيولوجيا التواصل السياسي.
له كتابان: الدروس الأولى في علم الاجتماع، وسوسيولوجيا التواصل السياسي.