الرسول ﷺ وإدارته لشؤون البلاد
الرسول ﷺ وإدارته لشؤون البلاد
كانت دعوة الرسول ﷺ في أول مبعثه سرًّا، ثم لما اضطهدت قريش أصحابه أشار عليهم بالهجرة مع نسائهم إلى أرض الحبشة، عالمًا أن ملكها يحسن جوارهم، ثم دعاهم ثانيةً إلى المهاجرة إلى يثرب فرارًا بدينهم من أذى قريش، فكان الأمر بالهجرة أولًا وثانيًا أول تدبير إداري من الرسول ﷺ لينقذ به أصحابه من أذى المشركين.
ولما ظهر الإسلام على الشرك دعا رسول الله ﷺ إلى الإسلام جهرةً، وبدأ في إرسال أمثل من دخلوا الإسلام من الرجال لتلقين العرب الدين وأخذ الصدقات منهم والقضاء بينهم في نزاعاتهم، وكان يكتب إلى عماله الذين يرسلهم بالفرائض والسنن، ولو وفد عليه وافد يعهد إليه بتعليم قومه دينهم وتفقهيهم فيه، وكان يستشير أهل الرأي والبصيرة ومن شهد لهم بالعقل والفضل وأبانوا عن قوة إيمان وهم سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار، وسموا بالنقباء لأنهم ضمنوا للرسول ﷺ إسلام قومهم، كما كان له رؤساء جند، وكان له كُتّابٌ بلغ عددهم اثنين وأربعين رجلًا، وكان ترجمانه بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية واليهودية زيد بن ثابت، وكانت شفاء أم سليمان تعلِّم النساء الكتابة، وكثيرًا ما كان يتحدث عن فضائل أصحابه وما يمتاز كل واحد منهم به.
فكان هناك رجال للإدارة وللقضاء والفقه والقرآن، وكانت هناك طبقة تتولى الأعمال كعتاب بن أسيد الذي استعمله واليًا على مكة وأعطاه كل يوم درهمًا، وهو من أول ما وضع من الرواتب للعمال، وفي السنة السابعة من الهجرة كثُرت الوفود، فبعث ﷺ برسله إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، وجاءت وفود العرب إليه من كل وجه، فأكرمهم وأغدق عليهم عطاءه.
وخرج النبي ﷺ بنفسه في سبعٍ وعشرين غزوة، وكانت بعوثه وسراياه ثمانيَ وثلاثين، ولم يكن يندب أحدًا من أصحابه للعمل قسرًا، ورأى أن اتساع الفتوح يقضي بتعلم أصحابه صنائع القتال فأرسل اثنين منهم إلى اليمن، وعلى لينه ورحمته كان شديدًا في الحق، فأقام حد الله على من عاث في الأرض فسادًا.
الفكرة من كتاب الإدارة الإسلامية في عز العرب
يذهب بعض الناس إلى أن معارف الحضارة الإسلامية مقلدة عن فارس والروم، ولو صح ما قالوا لكانت قوانين فارس والروم باقية ولما استطاع العرب نزع سلطانهم وتثبيت حكمهم مكانهما، ويثبت الكاتب في هذا الكتاب أن الإسلام ابتكر وأبدع في الحرب والإدارة السياسية، كما اخترع وأبدع في العلم والتشريع وأسباب المدنية بالتعرض لأحوال ثلاثة أزمنة وأحوال خلفائها فيها وكيف كانوا يديرون البلاد.
مؤلف كتاب الإدارة الإسلامية في عز العرب
محمد كرد علي: مفكر وأديب سوريٌ وُلِد بدمشق عامَ ١٨٧٦م لأبٍ كردي وأمٍّ شركسية، كان شديدَ الشغف بالقراءة والاطِّلاع؛ فكان والِدُه يمدُّه بكثير من الكتبِ المختلِفةِ الموضوعات، وقد دافَعَ طوالَ عمره عن اللغة العربية، وشدَّد على ضرورة الاعتناء بها في مراحل التعليم، وكان وزيرًا للمعارف والتربية في سوريا، وأيضًا تولَّى رئاسةَ مَجْمَع اللغة العربية بدمشق.
من مؤلفاته: “أقوالنا وأفعالنا”، و”الإسلام والحضارة العربية” و”غابر الأندلس وحاضرها”، وتُوفِّي عامَ ١٩٥٣م ودُفِن بدمشق بجوار قبر معاوية بن أبي سفيان.