الرحلات العلمية.. الرحَّالة العلماء والحيرة بين الحقيقة والمجاز
الرحلات العلمية.. الرحَّالة العلماء والحيرة بين الحقيقة والمجاز
المسعودي هو علي بن الحسين بن على المسعودي، عاش في أواخر القرن الثالث الهجري، تركَّزت مؤلفاته في الجانب التاريخي، كما سجَّل رحلاته إلى مصر وبلاد فارس والهند، وكانت هذه الرحلات وسيلة يجمع بها مادة دراسته ويُحصِّل أصول تخصُّصه ويُحضِّر لكتابه الموسوعي “مروج الذهب ومعادن الجوهر “، وهو على بنيته الأدبية فهو جامع للصفات الجغرافية والتراثية للمشاهد والبلاد التي ارتحل إليها.
ابن فضلان هو أحمد بن فضلان بن العباس، ورحالة علامة وفقيه عاش في القرن الرابع الهجري، اشتهر بعلاقته بالخليفة المقتدر بالله، ونتج عن هذه العلاقة رحلته الشهيرة إلى بلاد البلغار التي تعدُّ أشهر الرحلات التاريخية، كانت هذه الرحلة بسبب طلب من ملك البلغار لوفد من علماء المسلمين ليعلموا الناس دينهم وليبنوا لهم مسجدًا، وكان ابن فضلان في هذه البعثة، ومع أدائه لمهامه في تعليم هؤلاء القوم، سجَّل ابن فضلان وقائع رحلته والبلاد التي مرُّوا عليها في طريقهم، حيث وصف عاداتهم وألم بأحوال الأقوام المحيطة بهم.
والبيروني هو محمد بن أحمد البيروني، عاش في القرن الخامس الهجري، وتنوَّعت مجالات دراسته إلى درجة الموسوعية، فهو من القلائل الذين برعوا في العلوم الاجتماعية والتطبيقية، وساعدته ثقافته الموسوعية على ابتكار منهج خاص به للتعريف عن الشعوب والبلدان، يتضح هذا المنهج في كتابه الجامع “تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العلم أو مرذولة”، حيث أحاط فيه بكل جنبات الثقافة الهندية، ولا يكتفي بالمشاهدات والحكايات على عادة الرحالة، لكنه أنتج موسوعة شاملة للجغرافيا والفلك والتاريخ والرياضيات، فأسَّس بذلك لمنهج “الدراسات الإثنوجرافية” في دراسة الحضارات الإنسانية.
وابن خلدون هو العلامة والمفكر والمؤرخ الشهير، ولد في تونس وعاش في القرن الثامن الهجري، قضى معظم حياته متنقلًا بين الأندلس وبلاد المغرب العربي، ينزل على ملوكها ويتنافسون على إكرامه وضمِّه إلى بلاطهم، استقرَّ في مصر في نهاية حياته أثناء حكم السلطان برقوق ليتفرَّغ للكتابة والتأليف، لينتج مؤلفه الأهم “ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر”، والذي شكَّل أساسًا لعلم الاجتماع والعمران، فقد أودع فيه ملاحظاته ودراساته عن نشوء وتفكُّك الدول بمنهجية جعلته رائدًا عالميًّا، وقد أودع ابن خلدون تفاصيل رحلاته في قالب شبيه بالسيرة الذاتية، ونشر تحت عنوان “التعريف بابن خلدون ورحلاته شرقًا وغربًا”.
الفكرة من كتاب مشاهير الرحالة العرب
يعدُّ أدب الرحلات من أقدم الفنون التي اشتركت فيها جميع الأمم القديمة المتحضِّرة، فالإنسان منذ يومه الأول وهو متلهِّف إلى المعرفة، مجذوب إلى المجهول بطبعه، ولم تنحصر الرحلات على الأفراد فقط، فقد قام الملوك القدماء برحلات كبرى قصدوا بها التجارة أو الاستكشاف، فأقام الفينيقيون مستعمرات من خلال رحلاتهم التجارية على طول البحر المتوسط، وكذلك فالمصريون القدماء سجَّلوا رحلاتهم التجارية إلى بلاد بونت، واتخذ العرب الرحلة طريقة للعيش، ونقلت لنا الكتب رحلة امرئ القيس الذي كان يطلب فيها مُلك أبيه المفقود، ومات الملك الضليل وخَلدَت الرحلة.
مؤلف كتاب مشاهير الرحالة العرب
كمال بن مُحمد الريامي.