الذكريات تطاردنا
الذكريات تطاردنا
يحوي أي ألبوم صورٍ للعائلة عديدًا من الذكريات المحرجة لأفرادها، أمورًا يرغبون في نسيانها وإخفائها من الوجود، ويمكن تحقيق ذلك بخطوتين، الأولى هي سرقة الصورة من ألبوم العائلة، والثانية هي التأكد من عدم وجود نسخة أخرى عند أي شخص، ومع الوقت سوف تُطوَى ذكرى الصورة المحرجة، ولن يتذكرها أحد، ولكن ذلك أصبح غير ممكن الآن، لأن الصور أصبحت تنشر وتخزن وتُتَبادل رقميًّا على منصات التواصل الاجتماعي، دون القدرة على حذفها، أو السيطرة على تفاعل الآخرين تجاهها، حتى لو كانت الصورة سيلفي | Selfie قد التقطتها بيديك.
وعادةً ما تثير قضايا حماية الأطفال -في أثناء تصفحهم الإنترنت- الاهتمام، وتتوجه الأذهان فورًا نحو الإباحية، والتعرض للتنمر والاستغلال والمضايقات، بجانب عديد من الأضرار النفسية والجسدية المصاحبة لإدمان الإنترنت، ولكن لا يتحدث كثيرون عن خطر الطفولة أو المراهقة الأبدية، وهو ما يقع فيه الطفل أو المراهق عندما يظل المحتوى الذي نشره في فترة طفولته أو مراهقته يظهر أمامه، بحيث يصعب الانفصال عن الذكريات، فيعجز الفرد عن النسيان، ويتباطأ نضوجه.
مشكلة الطفولة أو المراهقة الدائمة انفرد بها عصرنا الرقمي، فقديمًا كان الأطفال والمراهقون يدخلون عالم الوسائط والتوثيق من خلال لوحات فنية، أو كاميرات بسيطة محدودة القدرة، وكلاهما يقع في أيدي الأهالي، الذين يتحكمون في كيفية ظهور طفلهم، فيشكلون الذكريات ويصوغونها بالشكل المناسب لهم، ولكن مع تقدم التكنولوجيا بدأ الأطفال والمراهقون يمسكون بالتقنيات الحديثة، مشكلين ذواتهم رقميًّا، صانعين ذكرياتهم الخاصة، ولهذا آثار متوسطة وبعيدة المدى، مثل: تغير شخصياتهم ورغبتهم في نسيان ما شكلوه ونشروه، أو ندمهم على عواقب توثيق ونشر بعض أفعالهم المتهورة، ولكنهم يُصدمون بعجزهم عن ذلك.
الفكرة من كتاب نهاية النسيان.. التنشئة بين وسائط التواصل الاجتماعي
كم رغبنا في امتلاك قدرة خارقة لتذكّر كل المعلومات! ولطالما رأينا أن النسيان -خصوصًا في الامتحانات- عدو لدود، ولكن إذا تأملنا النسيان بعيدًا عن السياقات المطالِبة بالتذكر، فسنجد أن لديه عديدًا من الفوائد التي قد تنقذ حياتنا.
النسيان مهم وضروري وسنعلم لِمَ، كما سنعرف كيف تهدده منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى معرفة مصير ذكرياتنا المنشورة عليها، وإذا أردنا الرحيل أو التغيّر، هل ستغفر لنا منصات التواصل الاجتماعي ما فعلناه سابقًا، أم ستظل تذكرنا؟ وهل توجد طريقة لحذف ما نشرناه للأبد؟ والسؤال الأهم، إذا عجزنا عن النسيان، ما تأثيرات ذلك فينا؟
مؤلف كتاب نهاية النسيان.. التنشئة بين وسائط التواصل الاجتماعي
كيت إيكورن: هي أستاذة مشاركة في دراسات الثقافة والإعلام في مدرسة نيو سكول في نيويورك، تدرس مقررات حول تاريخ الإعلام والنظرية النسوية والدراسات الثقافية، وتمتلك شهادة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية من جامعة يورك في كندا، أسست جمعية Fembot، وهي منصة على الإنترنت للدراسات والنشاط النسوي، لتعزيز البحث الحاصل على التخصصات المختلفة والتعاون في دراسات النسوية.
وقد نُشرت أعمالها في عديد من الدوريات الأكاديمية والمجموعات المحررة، فضلًا عن وسائل الإعلام الشعبية مثل صحيفة The New York Times وThe Guardian وThe Nation، ومن بين كتبها:
The Archival Turn in Feminism: Outrage in Order.
Content.
معلومات عن المترجم:
عبد النور خُرَاقِي: مفكر وباحث ومترجم مغربي، يهتم بمجال العلوم الإنسانية والقضايا اللغوية الاجتماعية، ولد في مدينة أحفير في المغرب، ويقيم بمدينة وجدة، حصل على شهادة الدكتوراه في علم اللغة الاجتماعي وعلم التداول الاجتماعي (Socio-Pragmatics) من جامعة محمد الأول عام 2000م، وأتبعها بشهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية من جامعة نيوكاسل البريطانية عام 2003م، وعمل رئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة محمد الأول، وأستاذًا زائرًا في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ومحكمًا دوليًّا للأعمال المترجمة من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى العربية بالأمانة العامة لدولة الكويت، وحصل على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة عام 2022م، كما ترجم عديدًا من المؤلفات من اللغة الإنجليزية من بينها:
مدخل إلى التنقيب في بيانات العلوم الاجتماعية.
اللغة والهوية.