الذات السيبرانية
الذات السيبرانية
إن الصورة التي تلتقطها بكاميرا الهاتف تعمل عمل المرآة، فهي تعد شكلًا من أشكال التحفيز (مرآة – صورة)، وتلك الصورة الافتراضية التي أدخلت عليها التعديلات من خلال البرامج والتطبيقات أضحت هي المعبِّرة عن ذاتك في الفضاء السيبراني، فهي تعد الصورة المثالية التي يرغب كل إنسان أن يكون عليها، فأنت تنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي طارحًا سؤالًا على من يشاهدها: “هل تحبني هكذا؟”.
ومن هنا شجَّعت مواقع التواصل الاجتماعي الأشخاص على مشاركة المعلومات الشخصية والخاصة، وبالتالي شجَّعت على التشهير بالذات، وبسبب شيوع النرجسية في الفضاء السيبراني، فإن الإنسان صار يهتم بذاته كثيرًا، إلى جانب اهتمامه بكيف ينظر الآخرون إليه.
إن الذات السيبرانية تصبح أفضل كل يوم عن اليوم السابق، إذ تخضع لتعديلات برامج الفوتوشوب، كما تخضع لتطبيقات تنقص الوزن، وتطبيقات أخرى تجعلها أطول وذات بشرة خالية من العيوب؛ بالتالي يستطيع أي شخص أن يتحول إلى شخصية نموذجية ومثالية في الفضاء السيبراني، عنوانها الجمال والرشاقة، تحصل على كثير من الإعجاب (اللايك)، وفي المقابل توضع الذات الحقيقية في صندوق مغلق.
ولذلك أثره في الواقع، إذ تهاجر تلك الصورة المثالية التي خلقها الإنسان في الفضاء السيبراني إلى الواقع، فنجد انتشارًا واسعًا لعمليات وجراحات التجميل، كما نجد أثر ذلك أيضًا في ملابس المراهقين والأطفال، وهو نوع من الاستعراض المبكر لأجسامهم قبل أن يكون الشباب والأطفال مستعدين لذلك عاطفيًّا وعقليًّا ودينيًّا.
وبالتالي على الإنسان أن يدرك ويعي أن الذات الحقيقية هي الأولى بالحب والرعاية والاحترام، وأنه لن يستطيع أن يحب ذاته الحقيقية إلا إذا خرجت من الصندوق المغلق الذي وضعها فيه.
الفكرة من كتاب التأثير السِّيبراني.. كيف يغيِّر الإنترنت سلوك البشر؟
تشهد حياة البشر تغيرات كبيرة بفعل تأثير الفضاء السيبراني -الإلكتروني- في السلوك البشري، نعم، إن الحياة الواقعية تتميَّز عن الفضاء السيبراني، لكن هناك كثيرًا من المعايير الجديدة المستحدثة والناشئة في الفضاء السيبراني تهاجر منه إلى حياتنا الواقعية وتؤثر فيها، والعكس صحيح، ما يجعل الحد الفاصل بين الفضاءين يكاد يكون معدومًا، والسيبرانية هي “دراسة تأثير التطور التكنولوجي في السلوك البشري”، فنجد أن شعور المرء بأن هويته مجهولة في الفضاء السيبراني يعزز لديه (عدم التحفظ)، وبالتالي عدم الشعور بالإحراج مما يقول أو يفعل، وبالتالي نحن نعيش مرحلة فريدة جدًّا في تاريخ البشرية، فانتشار الكثير من التقنيات الجديدة يؤدي إلى عمل تشويش على الأفكار، كما يترتب عليه حدوث زلازل في نمط العيش والتفكير، فأدى ذلك إلى تغيير علاقاتنا مع الآخرين، وبما أنك تستخدم هذا الفضاء السيبراني وتقتطع جزءًا من وقتك لتعيش فيه، فعليك أن تعرف بعض الأشياء للتعامل معه، وذلك من خلال فهم طبيعة السلوك البشري، وكيف يتغير سلوكنا على الهواء (أي الفضاء السيبراني).
مؤلف كتاب التأثير السِّيبراني.. كيف يغيِّر الإنترنت سلوك البشر؟
ماري آيكن Mary Aiken: خبيرة عالمية أيرلندية في علم النفس السيبراني الذي يختص بدراسة تأثير التكنولوجيا في السلوك البشري، وهي أستاذة في علم النفس السيبراني الجنائي في جامعة شرق لندن، وأستاذة مساعدة في يونيفيرسيتي كوليدج دبلن بأيرلندا.
كما أنها عضو في مجموعة الإنتربول العالمية لخبراء الجرائم الإلكترونية، ومستشار أكاديمي للمركز الأوروبي للجرائم الإلكترونية التابع لليوروبول، وهي زميلة في الجمعية الملكية للطب، وزميلة عالمية في مركز ويلسون بواشنطن العاصمة، وعضو في جمعية Medico-Legal، وعضو منتسب دولي في الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) وزميلة جمعية محترفي تكنولوجيا المعلومات المعتمدين.
لها مجموعة من الكتب، ترجم منها إلى اللغة العربية:
كتاب “التأثير السيبراني.. كيف يؤثر الإنترنت في سلوك البشر؟”.
وباللغة الإنجليزية كتب منها:
Life in Cyberspace.
CyberPsyched.
معلومات عن المترجم:
مصطفى ناصر: مترجم عراقي حاصل على البكالوريوس من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة البصرة، ونال جائزة الدولة للإبداع العراقي في حقل الترجمة عام 2019، له عدة كتب مترجمة، منها:
ما المعرفة؟
الأثر.. كيف يؤثر القانون في السلوك؟
الهجرة.. كيف تؤثر في عالمنا؟
التأثير السيبراني.. كيف يؤثر الإنترنت في سلوك البشر؟