الدين والحركات القومية
الدين والحركات القومية
لا يتم تحديد هوية الناس أولًا في كل مكان حسب الدولة التي يقيمون فيها، فكثير من الناس تُحدَّد هويتهم من خلال دينهم أو عرقهم، وقد نشأت ديانات العالم الكبرى كلها قبل ظهور الدولة الحديثة التي يريد أفرادها فصلًا كاملًا بين الدين والدولة، ونسوا حقيقة أن الدين كان صاحب التأثير الأقوى في طبيعة الدولة ذاتها وقوانينها وليس في الأخلاقيات وقواعد المجتمع فقط.
وكان الأثر المترتب في الحركات والمؤسسات الدينية متضاربًا؛ فمن ناحية ما شجَّعت المسيحية والإسلام واليهودية كلًّا من الحكام والمحكومين على القيام بالأنشطة الإنسانية؛ كحركة إلغاء الرق، والصليب الأحمر الدولي وكان ذلك بمثابة رفعة للإنسانية كلها، ومن ناحية أخرى كانت الأديان الدافع والملهِم لبعض الحروب الواقعة بين الدول وبداخلها وللحملات الإرهابية، وتدخَّلت أيضًا تدخلًا مباشرًا في السياسة.
وبالتأكيد أن الجانب السلبي لتأثير الدين في العلاقات الدولية لا يقتصر على العالم الإسلامي فحسب؛ فمثلًا عارض اليهود المتطرفون في إسرائيل أي مقترحات لإعادة الأراضي في غزة والضفة الغربية باعتبارها جزءًا من إسرائيل التوراتية ومن الضروري الدفاع عنها، لذا فمن الضروري دائمًا اهتمام وزير الخارجية الأمريكي بالحوار بين الأديان والعلم بمدى تورط المتطرفين الإسلاميين بشبكة القاعدة، والاستعانة بالزعماء الدينيين المعتدلين في كل مكان لإبعاد الشباب عن الشبكات الجهادية.
وغير الدين كان للحركات القومية تأثير واسع في العلاقات الدولية؛ حيث استخدموا رائدي القومية السياسية في أوروبا الغربية وأفريقيا والشرق الأوسط (وكانوا أدباء) كتاباتهم للتعبير عن وعيهم بالتميز القومي وتشكيل مطلبهم الأوَّلي بالاستقلال السياسي، وتدرك الأمم حديثة الاستقلال أهمية الثقافة القومية لتقوية الالتزام القومي لشعوبها، ففي محاولة القضاء على القومية السياسية، تظل القومية الثقافية ثابتة، ويكاد يكون من المستحيل محو الوحدة اللغوية لجماعة عرقية ما.
الفكرة من كتاب العلاقات الدولية.. مقدمة قصيرة جدًّا
مع اتساع مفهوم العلاقات الدولية يتم اقترانه في جامعات كثيرة بمنهج العلوم السياسية، وقد يُعدُّ هذا نوعًا من الاحتكار على مادة العلاقات الدولية، فالدارس الجاد للعلاقات الدولية يجب أن يكتسب بعض المعرفة بالتاريخ والقانون والاقتصاد الدوليين، وأيضًا السياسة الخارجية والدولية، ومن هنا يتطرق الكاتب إلى مجموعة متنوعة من القضايا المحورية لفهم العلاقات الدولية؛ بَدءًا من السياسة ومرورًا بالقضايا المتعلقة بالسلاح والإرهاب، وتأثير المنظمات الكبرى والحركات الدينية والعرقية في أنحاء العالم.
مؤلف كتاب العلاقات الدولية.. مقدمة قصيرة جدًّا
بول ويلكينسون Paul Wilkinson: أستاذ العلاقات الدولية ورئيس المجلس الاستشاري لمركز دراسة الإرهاب والعنف السياسي بجامعة سانت أندروز، ومن مؤلفاته: “الحركة الاجتماعية” (١٩٧١م)، و”الإرهاب السياسي” (١٩٧٤م)، و”الإرهاب والدولة الليبرالية” (١٩٨٦م).