الدين الحق
الدين الحق
تُعد الصورة التي قُدمت بها الحقيقة الدينية في القرآن من مظاهر قوة الدعوة الإسلامية، فقد عُرض الكلام عن منشأ الكون ومصيره بوضوح ودون تناقض بشكلٍ يتسق مع فطرة الإنسان، مع إضافة عامل الإجماع الذي –وإن كان عاملًا خارجيًّا- يُعزز الحقيقة في نفوس الناس وقلوبهم، ورُسل الله عليهم السلام اجتمعوا على دعوةٍ واحدة وحقيقة واحدة جمعت سائر الناس في ما مضى، ثم بدأ الناس ينحرفون عنها لأسباب عديدة، والمسلم يؤمن بهم جميعًا، والدين عند الله واحد.
والفكرة الأساسية التي تدور حولها دعوة الإسلام في القرآن هي فكرة التوحيد: أن خالقًا واحدًا يتصف بالكمال المطلق خلق كل شيئ في الوجود وأخضعه لإرادته المطلقة، وهو فطرة في الناس إلا أن كثيرًا منهم يشركون بالله أوثانًا وكواكب ونجومًا، والديانات السماوية بعد تحريفها صار فيها قدرٌ من الشرك أيضًا، والقرآن يهدم الشرك ويعيد للعقيدة نقاءها الذي كانت عليه قبل الشرك والتحريف؛ ويرى الكتاب أن قوة العقيدة الإسلامية ليست في جدتها وإنما في قوة جذورها الضاربة في الزمن.
أما الفكرة الثانية التي يتناولها القرآن بشكلٍ أساسي فهي الإيمان باليوم الآخر، وببعثِ الأجساد، وهو الأمر الذي سخر منه المشركون كثيرًا، ويرد عليه القرآن بمشاهد كثيرة من كتاب الله المنظور: الطبيعة حولنا تبين قدرة الله، أولسنا نرى الأرض الجرداء تحيا ويخرج منها النبات؟
وأيضًا يستلزم العدل الإلهي وجود حياة أخرى تُجزى فيها كل نفس بما عملت ويُبين الله فيها للناس ما اختلفوا فيه، وإلا كانت حياة الإنسان بلا جدوى.
وقد تميز القرآن عن الكتب والعقائد السابقة كثيرًا في عرضه لمعاني الألوهية وللمصير بعد الموت.
الفكرة من كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
كُتب هذا الكتاب ليُصحح الأخطاء الشائعة عن القرآن في أوروبا، بحجج وأدلة واضحة ولغة مهذبة، فتحدث عن نزول الوحي وجمعه، وعن نشره في أنحاء الأرض، وعن الحق والخير والجمال في القرآن، كما بحث في المدعى من المصادر البشرية لتعاليم القرآن في مكة والمدينة ليُثبت بطلانها.
مؤلف كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
محمد عبد الله دراز، باحث ومفكر إسلامي مصري كبير، ولد عام 1894 بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وكان أبوه وجده من أهل العلم والتقوى، فتأثر بهما، وحفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة. التحق بالمعاهد الأزهرية حتى نال منها شهادة العالمية، ثم تعلم الفرنسية في المدارس الليلية واستفاد منها في المناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي وفي الرد على افتراءات المستشرقين على الإسلام في الصحف الفرنسية.
وقد عمل الشيخ مدرسًا بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم محاضرًا في الكليات الأزهرية الناشئة، ثم دَرَس فلسفة الأديان بفرنسا في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الدكتوراه 1947 –بالدراسة التي بين أيدينا- بعد أن مكث في فرنسا اثنتي عشرة سنة لم تزده إلا اعتزازًا بهويته، كان يجود بعلمه في دراسات ورسائل علمية ومحاضرات ومؤتمرات، وتوفاه الله سنة 1958 في أثناء حضوره لمؤتمر الأديان الكبير في لاهور بباكستان.
من أشهر مؤلفاته: كتاب”النبأ العظيم – نظرات جديدة في القرآن” و “الدين – بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان”، و”دستور الأخلاق في القرآن”.