الديمقراطية ونظرية السلام الديمقراطي
الديمقراطية ونظرية السلام الديمقراطي
النظام الديمقراطي هو ذلك النظام الذي تتحقَّق به سلطة الشعب، ويفترق مفهوم السلطة عن مفهوم الإرادة لأنه قد يريد الشعب حكمًا أتوقراطيًّا، كما اختار الشعب الفرنسي نابليون حاكمًا له وأعطوه كل السلطات، وللديمقراطية صورتان: ديمقراطية مجرَّدة وهي آليَّة سياسيَّة لا تمتزج بأي محدَّدات أيديولوجية أو ثقافية أو ظروف زمانية ومكانية، وكانت منذ العصر الإغريقي إلى القرن الثامن عشر، وديمقراطية مؤدلجة حيث أعاد فلاسفة التنوير تأصيل النظام الديمقراطي ووضع أسس له، فظهرت الديمقراطية الليبرالية المرتكزة على الحرية الفردية والليبرالية الاشتراكية القائمة على المساواة، والديمقراطية المسيحية المتمسِّكة بالكاثوليكية.
وقد تمخَّّضت رغبة العالم الغربي في نشر الديمقراطية في العالم عن نظرية السلام الديمقراطي لـ”كَانْت”، والتي تقوم على أن الدول الديمقراطية لا تتحارب في ما بينها، بينما تمثِّل الدول غير الديمقراطية حلبة للحروب والصراعات لأنها دول حرب بطبيعتها، وسبب ذلك أن الديمقراطية تخلق وعيًا جمعيًّا يجعل الشعب ينفر من فكرة الحلول العسكرية، وهو -حسب الديمقراطية- له اليد العليا في اتخاذ القرار، فضلًا عن التفاهم والاحترام المتبادل بين الدول الديمقراطية واستعمال الوسائل السلمية في إدارة الخلافات.
لم تسلم نظرية السلام الديمقراطي من انتقاد لاذع يكاد يأتي عليها، فالدول الديمقراطية تحاربت بالفعل كما هاجمت أمريكا الديمقراطية دولة إيران وانقلبت على حكومتها الديمقراطية، وحتى إذا لم تتحارب الدول الديمقراطية فيما بينها فقد حاربت دولًا أخرى، وارتكبت فيها أشنع الفظائع مثل ما فعلته أمريكا في العراق وفيتنام وأفغانستان، وما فعلته فرنسا في شمال إفريقيا، وبريطانيا في الهند والكونغو.. ويرى باحثون أن نظرية السلام الديمقراطي تحوَّلت إلى “نظرية الحرب الديمقراطية”، أي تحارب الدول الديمقراطية غيرها بزعم نشر السلام الديمقراطي، فما الفائدة من حماية السلام في رقعة صغيرة من العالم، وتصدير الحرب إلى بقية أجزائه؟! ولا يوجد تلازم عقلي بين صحة المبدأ وانعدام الحروب، فلم تتحارب الدول الشيوعية معًا، فهل يعني هذا صحة مبادئ الشيوعية؟!
الفكرة من كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
ويشبِّه المؤلف علم العلاقات الدولية بملعب كرة القدم الذي يكون فيه اللاعبون من الدول والمنظمات الدولية والشركات المتعدِّدة الجنسيات، ويكون القائد أو المدرِّب هو الأمم المتحدة، وتلعب القوانين الدولية دور الحَكم بين اللاعبين.
كذلك هناك محلِّلون لسلوك الدول والمنظمات، والتنبُّؤ بمصير العلاقات الدولية في المستقبل، ومنظِّرون لتقديم اقتراحات لحل المشكلات الدولية، أو لطرح نظريات لما ينبغي أن يكون عليه العالم، أما شعوب العالم فما هي إلا جمهور متفرِّج لا يحقُّ له النزول إلى ساحة الملعب.
ولعلَّ لفظة “السياسة الدولية” هي المصطلح الأدقُّ لذلك العلم لأنه يشمل دراسة الكيانات المحسوسة وليس فقط العلاقات، ويدخل ضمنه الفاعلون السياسيون غير الدول كالشركات والمنظمات، ولكن مصطلح “العلاقات” هو الأشهر بين الأكاديميين.
مؤلف كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
نايف بن نهار: مدير مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة قطر، حصل على بكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة قطر عام ٢٠٠٨، وحاز درجة الماجستير في تخصُّص الفقه وأصوله عام ٢٠١١ من الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا، ثم درجة الدكتوراه بالتخصص نفسه عام ٢٠١٤، كما حاز من الجامعة نفسها دكتوراه ثانية في العلوم السياسية عام ٢٠١٨، إذ قدَّم الدكتور نايف نظرية جديدة في علم العلاقات الدولية تسمَّى “الذراع الرادعة”، وحصل على ملكيَّتها الفكرية في السابع من فبراير عام ٢٠١٦.
من مؤلفاته:
– دعوى التلازم المنطقي بين الإسلام والعلمانية.
– نحو منهجية مقترحة لتأسيس علم الاستغراب.
– الصيرفة الإسلامية في دولة قطر.