الديمقراطية والشورى
الديمقراطية والشورى
الشعب هو مصدر السلطات، هذا هو الأساس الذي تستند إليه كل المدارس التي تناولت مصطلح الديمقراطية بالشرح والتعريف، فهو وإن كانت جذوره ترجع إلى الحضارة اليونانية فإن الواقع المعاصر قد أعاد إخراجه في ثوب جديد من العبارات المنمَّقة التي زيَّنت جميع النظم والدساتير في معظم الدول تقريبًا، فالديمقراطية اليوم بمثابة ليلى التي يدعي الكل وصلًا بها، حتى أعتى النظم شمولية وديكتاتورية لا تستنكف من وضع هذا المصطلح في دساتيرها كأساس لحكمها السلطوي! ويعد النظام النيابي هو الآلية التي عن طريقها يتم تطبيق الديمقراطية، حيث يختار الشعب نوابًا بمثابة وكلاء عنه لإدارة شؤونه.
أما عن موقف الإسلام من تلك القضية فهو لا يقبلها ولا يرفضها إطلاقًا، فالإسلام ليس في عداوة مطلقة لكل ما هو وافد من الغرب، بيد أن كل ما تم إنتاجه في أمة ما إنما هو موافق لظروفها وبيئتها، ولا يلزم بالضرورة أن يوافق غيرها من البيئات، كما لا يلزم من قَبول الآخر قبول جميع أفكاره، ومع ذلك فالأهداف التي قامت عليها الديمقراطية تتوافق إلى حد كبير مع نظام الشورى في الإسلام ولكن يبقى الخلاف هنا عن الآليات الموصلة إلى تلك المقاصد والغايات، بيد أن هناك فارقًا جوهريًّا بين الشورى والديمقراطية عن المصدر الأصلي للتشريع، ففي الأولى هو لله (عز وجل)، وفي الثانية هو للشعب، فمهمة المجالس النيابية في النموذج الديمقراطي هي إنشاء الأحكام ابتداءً، بينما في التصور الإسلامي يقتصر دورها على مهمة الكشف عن حكم الله فقط، ومن هنا يفترق المصطلحان طبقًا لافتراق الأيديولوجية التي نشأت في كنفها كل منهما.
الفكرة من كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
مع تنامي ظاهرة الجدل والصدام الثقافي وقضايا الاستشراق والغزو الفكري بين المعسكرين الغربي والإسلامي، تأتي أهمية هذا الكتاب في طرحه العديد من المصطلحات التي تمثل في جوهرها قضايا شائكة وأسئلة محيرة للمجتمعين العربي والغربي على السواء، وقد تعدَّدت تلك الإشكاليات من قضايا سياسية إلى اجتماعية وعقدية، مما يضفي على الكتاب لونًا من المنهج الثقافي المقارن لتقريب وجهات النظر وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
مؤلف كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
محمد عمارة مصطفى عمارة: كاتب ومفكر إسلامي مصري، ولد في 8 ديسمبر 1931 بمحافظة كفر الشيخ، وحصل على الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية 1965م من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من الكلية نفسها، شغل عضوية كلٍّ من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهيئة كبار علماء الأزهر، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، كما كان رئيس تحرير مجلة “الأزهر” حتى 16 يونيو 2015، توفي في مساء يوم الجمعة 28 فبراير عام 2020.
ألَّف محمد عمارة ما مجموعه 147 كتابًا، منها تحقيق 13 عملًا كبيرًا ابتداءً من الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، وانتهاءً بكتاب “السنة والبدعة” للشيخ محمد الخضر حسين، كما ألَّف خمسة كتب بالاشتراك مع آخرين، ومن أبرز مؤلفاته الأخرى:
التراث والمستقبل.
الغرب والإسلام.
الحركات الإسلامية: رؤية نقدية.