الديمقراطية في العمل
الديمقراطية في العمل
لماذا أصبح مكان العمل عبارة عن مكان فقط لأداء العمل بشكل آلي، خالٍ من الإبداع؟ وماذا يمكن أن يفعل المرء لتحلَّ روح التعاون البنَّاء محلَّ التنافس الهدَّام؟
إن الوقت قد حان لإحداث تغيير في تعريف الناس لمفهوم النجاح، عن طريق التخلُّص بدايةً من جيل “أنا” وتحويله إلى جيل “نحن”، فالعمل الجماعي أكبر بكثير من مجرد فكرة، بل هو استراتيجية عملية، تضمن تحويل مسار الحياة إلى مستويات أكثر تقدمًا، فالبيئة المحيطة أبعد ما تكون عن الديمقراطية، وأقرب ما تكون إلى الديكتاتورية، أو ما يُسمى بأسلوب القيادة الاستبدادي المُطلق، وتُصبح أحيانًا الإدارة الاستبدادية منطقية وذات معنى، في أحوال خاصة تتطلَّب استجابة فورية، مثل الجنود في ساحة المعركة، ورجال الشرطة الذين يحاولون السيطرة على كارثة ما.
أما بيئة العمل اليومية فلا ينتشر فيها أسلوب السيطرة المُطلق، لأن ذلك كفيل بقتل الإنجاز والإبداع، وتدمير ثقة المرء بنفسه، حيث ينتشر التنافس في جو البيئة الاستبدادية، سواء في البيت حيث يتفاخر الوالدان بولدهما الأفضل، أو في المدرسة حيث تدفع طلابها إلى الدخول في اختبارات تُخرج فائزين، وآخرين خاسرين، أو في بيئة العمل، فيُصبح أفرادها مُهتمين فقط بكسب الاستحسان، والمصلحة الشخصية، بعيدًا عن تفوق مؤسستهم بشكل خاص.
لم يُولد أحدٌ مُستعدًّا لالتزام الأوامر، وتنفيذها على أكمل وجه من غير جدال، بل يتمُّ اكتساب ذلك من خلال كثرة التعرُّض إلى كبت التفكير الفطري الإبداعي في ميادين التدريب، وينتهي الأمر إلى تطبُّع الجميع على أسلوب التفكير المُطوَّع اللا تعاوني، وهو يكثر عادةً في الأوساط الحكومية، ويصبح قانون الإدارة هو السائد في مكان العمل، ويُعاقب من ينجرف عن هذا القانون، فتتحوَّل القوى العاملة إلى رُوبوتات عديمة التفكير، فلا عجب إذن في تقصير الشباب في الوصول إلى التوقُّعات المرجوَّة منهم، لذا فإن تحقيق التوازن بين النظام الديمقراطي والاستبدادي أمرٌ مستحب لبلوغ النتائج المرجوة حقًّا.
الفكرة من كتاب النجاح جهد جماعي
تحويل مكان العمل من وسط استبدادي إلى وسط تعاوني، لا يمكن تحقيقه بين عشيةٍ وضحاها، بل يكون نتيجةً لجهود كبيرة، تقوم على أساس من العلم والتخطيط، فيحاول الكاتب هنا تشجيع كل البيئات على نبذ التنافس الداخلي، وإحلال العمل الجماعي محلَّه، ويوضِّح العوائق التي يمكن مواجهتها في أثناء تحقيق ذلك، والأساليب التي يمكن بها التغلُّب على هذه العوائق.
مؤلف كتاب النجاح جهد جماعي
تشارلز ب. دايغرت Charles Deigart: حصل على شهادات البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه من جامعة أوهايو، وعمل اختصاصيًّا في مجال الإدارة مع فريق التنمية الاقتصادية في قسم التطوير بجامعة أوهايو، وهو حاليًّا عضو في برنامج مدرسة الإدارة والأعمال التابعة لجامعة فرانكلين، ألَّف هذا الكتاب الذي بين أيدينا، واشترك مع ريتشارد جاكوبس في تأليف كتاب “ابتكار ثقافة النجاح”.