الديمقراطيةُ والتباسُ التسميات
الديمقراطيةُ والتباسُ التسميات
في ظلِّ ازدواجيةِ المعاييرِ والتباسِ التسميات التي تغزو عصرَنا الحالي، لا عجبَ أن نجدَ ترويجًا مستعِرًا عن أنَّ مجتمعاتِنا تتحركُ لواقعٍ أكثرَ ديمقراطية، في حينِ أنَّ الواقعَ يشهدُ عكسَ ذلك، وأحدُ أهمّ الأسبابِ التي ساعدت على انتشارِ تلك الكذبة هي اقتناعُنا بأن المجتمعاتِ تسيرُ دائمًا نحوَ التقدمِ في كافةِ جوانبِ الحياةِ، في حينِ أنّ التقدمَ عادةً ما يكونُ من جانبٍ من الحياة، وتَرَاجعٍ من جانبٍ آخر.
وأيضًا أحد الأسبابِ الرئيسيةِ الأخرى هو التأثيرُ الاقتصاديُّ على السياسةِ وعلى أصحاب السلطة، الذي أصبحَ أكبرَ بكثيرٍ من طموحاتِ الناخبينَ ومصالِحِهم؛ فعندما يهدّدُ صاحبُ شركاتٍ عِملاقةٍ بتركِ الاستثمارِ في بلد ما والخروجِ بشركاتِه منها، هذا سيجعلُ السياسيينَ ينصاعونَ له بكلِّ تأكيد، وبالتالي، فلا عجبَ أن نجدَ التأثيرَ الكبيرَ للشركاتِ العِملاقةِ على الإعلام، وعلى نتائجِ الانتخاباتِ وسيرِ السياساتِ الداخليةِ والخارجيةِ لبلدانِ العالم.
تغلغلتِ الشركاتُ العابرةُ للقاراتِ إلى أصحابِ القرارِ في بلدانِ العالم ِالثالثِ إلى درجةٍ فاضحة؛ بحيث يتمُّ تعيينُ رئيسٍ أو مسؤولٍ بالاسمِ تبْعًا لرغبتِهم، وليس لإرادةِ الشعبِ، وبسببِ معرفةِ عمومِ الشعبِ بتلك الحقيقة، تجدُ أنَّ معظمَ الناسِ يعزِفونَ عن الذهابِ والتصويتِ في الانتخابات؛ لأنهم يرونَ أنه لا أملَ في التغيير، وينشغلونَ في أمورٍ أقلَّ أهمية، يُفرّغونِ فيها طاقاتِهم وكبتِهم؛ كالرياضةِ والاستهلاك، وبالطبع ذلك أمرٌ ممتازٌ بالنسبةِ لصانعي القرارِ، وهو ما يطمحونَ إليهِ أصلًا، فينشغلونَ في التركيزِ على مصالِحِهم السياسيةِ دونَ إزعاجٍ أو ضغوطاتٍ من الشعب.
الفكرة من كاتب خرافةِ التقدمِ والتخلف
يُسلِّطُ كتابُ “خرافةِ التقدمِ والتخلّف” الأضواءَ على أفكارٍ قد نرى بأنها مسلّمات، ويُطلبُ منا أن ننظرَ ونفكرَ فيها بشكلٍ منطقيٍّ لنتأكَّدَ بأنها مجردُ خُدَعٍ وتضليلٍ سياسيٍ وإعلامي.
الحداثةُ -على سبيل المثال- لا تعني بالضرورةِ الإصلاح، فالكثيرُ من المصطلحاتِ التي تَصِفُ الحداثة تَحملُ في طَيَّاتِها معانٍ سلبية.
كما أن وَصْفَ أمّةٍ كاملةٍ بأنها أمةٌ متقدمةٌ أو متخلفةٌ؛ لهو حكمٌ خاطئ؛ لأنَّ التقدمَ والتخلفَ عادةً ما يشملُ جانبًا من جوانبِ الحياةِ، وليس عمومَها.
مؤلف كتاب خرافةِ التقدمِ والتخلف
جلال الدين أحمد أمين، هو عالمُ اقتصادٍ وكاتبٌ مصريٌ بارز؛ من أشهرِ مؤلفاتِه كتاب “ماذا حدث للثقافة في مصر؟ ” الذي يشرح التَّغيُّرَ الاجتماعيَّ والثقافيَّ في حياةِ المصريين، خلال الفترةِ من ١٩٤٥م إلى ١٩٩٥م، والذي يرتبط بظاهرة الحَرَاكِ الاجتماعي
كما أنّ له ُ العديدَ من الكتب، منها:
كتاب “خرافةُ التقدمِ والتأخرِ”
الذي يثيرُ فيه شكوكًا كثيرةً عن صحةِ الاعتقادِ بفكرةِ التقدمِ والتخلف، وفيما إذا كانَ من الجائزِ وصفُ دولٍ أو أممٍ أنها متقدمة، وأخرى أنها متخلفةٌ أو متأخرة.
كتاب “عصرُ الجماهيرِ الغفيرة”
الذي يتناولُ فيه جوانبَ تطورِ المجتمعِ المصريِّ خلالَ الخمسينَ سنةً الأخيرة في مجالات: الصحافةِ، الاقتصادِ، الثقافةِ، التليفزيون، السوبر ماركت والسياحة، الأزياء والحب، والعلاقةِ بين الدينِ والدنيا.