الدول المتعاقبة على تونس
الدول المتعاقبة على تونس
بقيت القيروان هي عاصمة ولاية إفريقية التابعة للدولة الأموية ثم الدولة العباسية، حتى قام أول حكم مستقل بقيادة إبراهيم بن الأغلب مؤسس الدولة الأغلبية بقرار من هارون الرشيد في 184هـ/ 800م في محاولة لردع الدويلات المنتشرة في غرب أفريقيا، ودام هذا الحكم لمائة عام ازدهرت فيها الثقافة وتأسَّس الأسطول البحري لصد الهجمات الخارجية الذي مكن الأسد بن فرات من فتح جزيرة صقلية فيما بعد.
تلى ذلك، الدولة العبيدية أو المسماة زورًا بالدولة الفاطمية، حيث قامت معركة بينها وبين جيش الأغالبة، وبدأ الحكم العبيدي في تونس واستمر بها أربعة وستين عامًا تمكَّن بعدها عبيد الله المهدي مؤسس الدولة من احتلال مصر ونقل عاصمته إليها وولَّى بلكين بن زيري الصنهاجي على إفريقية فاحتفظ بالأرض الشاسعة لدولته التي شهدت نهضة اقتصادية وعمرانية وثقافية خلال العهد الصنهاجي، وازدهرت فيها الزراعة بفضل وسائل الري، وتم تشييد القصور والمكتبات والأسوار والحصون، وأصبحت القيروان مركزًا مهمًّا للعلم والأدب.
مع الأسف لم يستمر ذلك طويلًا حيث خرج المعز بن باديس على دولته، ما أدى في النهاية إلى تمزيق أوصال الدولة وتقسيمها إلى دويلات صغيرة، وعندها انتهز النورمان هذه الفرصة لاحتلال صقلية وجزيرة جربة والمهدية وسوسة وصفاقس حتى استنجد الملك الحسن بن علي الصنهاجي بمؤسس الدولة الموحدية عبد المؤمن بن علي الذي استطاع استرجاع كامل الأراضي التونسية وولى أحد أتباعه
أبو محمد بن عبد الواحد بن أبي حفص على إفريقية أو تونس.
استمرت الدولة الموحدية لبعض الوقت حتى تمكن أبو زكريا يحيى بن حفص من الاستقلال عن الموحدين، ولقَّب نفسه سلطانًا على تونس، ثم خلفه ابنه عبد الله محمد المستنصر وأعلن نفسه خليفة للمسلمين، ومع ذلك لم يدُم ذلك طويلًا أيضًا، فقد قامت الحروب الصليبية بقيادة لويس التاسع، وبعد صراعات وانتقال متكرر للسلطة استمرت حتى القرن الخامس عشر حيث دخل الأخوان الحفصيان أبو عبد الله محمد الحسن وأخوه رشيد في صراع على الحكم، فاستنصر الأول بالملك شارل الخامس والثاني بالعثمانيين، وبهذا بدأ الصراع بين الحلفاء الإسبان والعثمانيين حتى تمكن العثمانيون من طرد الإسبان في معركة تونس عام 982هـ/ 1574م.
الفكرة من كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
في شمال قارة أفريقيا وبين الجمهورية الليبية من الجنوب الشرقي والجزائر من الغرب، تقع تونس أو “ترشيش” قديمًا، وتتميَّز تونس بتربتها الخصبة المحاذية للبحر في أغلب مساحتها والصحراء في أربعين بالمائة من مساحتها، وقد تعاقبت عليها الحضارات البربرية والفينيقية والرومانية والعربية الإسلامية فتركت فيها البصمات الثقافية والمعمارية.
ولأن الفينقيين قد عرفوا بالترحال والتجارة، فقد نشطت التجارة في الساحل التونسي، وبالتحديد في قرطاج، عندما أنشؤوها في القرن التاسع قبل الميلاد، وسيطرت تونس نتيجة لذلك على البحر المتوسط وحقَّقت الثروات الهائلة، ثم أصبح لها مجلس للمدينة وجمعية شعبية وحاكمان ينتخبان سنويًّا، ومع ذلك للأسف بدأ التنافس والتضارب بين الحاكمين على السياسات، ما أضعف قرطاج.
مرت تونس بعد ذلك بعدة حروب ضد روما تسمى بالحروب البونية حتى دمرت قرطاج تمامًا، لكن يوليوس قيصر أعاد بناءها عام 44 ق.م، وأسماها مستوطنة قرطاج اليوليوسية، فازدهرت وأصبحت مصدرًا للمنتجات الزراعية ومقرًّا للحضارة الرومانية لستة قرون حتى تمكن القائد المسلم حسان بن نعمان من فتحها في 79هـ/698 م.
فيما يلي نحكي قصة تونس منذ الفتح الإسلامي مرورًا بالاحتلال الفرنسي وحتى الثورة التونسية في 2011م.
مؤلف كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
راغب السرجاني: هو طبيب مصري من مواليد عام 1964م، تخرَّج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1988م، ثم نال شهادة الماجستير عام 1992م، ثم الدكتوراه عام 1998م، إضافةً إلى كونه أستاذًا مساعدًا بكلية الطب جامعة القاهرة، وهو رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة.
عُرِف عن راغب السرجاني كذلك كونه مفكرًا إسلاميًّا مهتمًّا بالتاريخ الإسلامي، وهو صاحب الفكرة والمشرف على موقع “قصة الإسلام” المعني بهذا الموضوع، وقد أطلق مشروعه الفكري تحت شعار “معًا نبني خير أمة” على أساس فهم التاريخ الإسلامي فهمًا دقيقًا واستنباط عوامل النهضة منه.
صدر له العديد من الكتب في التاريخ والفكر الإسلامي مثل:
كتاب “إلى شباب الأمة”.
كتاب “فلسطين لن تضيع كيف”.
كما قدَّم العديد من البرامج عبر الفضائيات العربية، وله العديد من المحاضرات المسجَّلة كذلك في مواضيع السيرة والتاريخ وغيرها.