الدولة في عَهد ابن الخطاب
الدولة في عَهد ابن الخطاب
مَنّ الله على عُمر بعديد من الغزوات والفتوحات، فتحولت الدولة الإسلامية في عهده من إمارةٍ عربية إلى قوةٍ عالمية، فصار لا بد من تقسيم الدولة ولاياتٍ لتسهُل إدارتها، فقُسِّمَت خمس ولايات كُبرى:
أولى هذه الولايات: العراق، وكان يضم كُلًّا من الكُوفة، والبَصرة، والأَحْوَاز.
ثانيتها: فارِس، التي ضمت كُلًّا من طَبَرِسْتَان وخُرَاسَان، ومُكْرَان وَكرَمان، وسِجِسْتَانَ.
ثالثتها: الشام، وضمت كُلًّا من حِمْصَ ودِمَشْق، وأَيْلَة والرَّمْلَة.
رابعتها: إفريقيا، وكانت تضُم كُلًّا مِن صعيد مصر، ومصر السفلى، وغرب مصر، وصحْراء ليبيا.
خامِستها: جزيرة العرب، وقد ضمت اثنتي عشرة ولاية بداخِلها، وهي: مكة، والمدينة، والطائِف، وصنعاء، وحَضْرَمَوْت، وخَوْلَان، ونَجْرَان، وزُبَيْد، ومرقع، والجُنْد، والبَحْرَيْن.
وكان يُعيّن على كُل ولاية واليًا، شرط أن يحسن إسلامه وسيرته، ويكون رحيمًا بالنّاس، قويًّا أمينًا، وبعد أن يختار كان يستشير مُستشاريه، ثم يكتب لهؤلاء الذين وقع عليهم الاختيار كتابًا يُسمى “عهد التعيين” يشترط عليهم فيه هذه الشروط التي ذكرناها.
ولم يَكُن يُعينهم ثم ينفض الأمر عن يديه بالكُليّة، بل كان يُتابعهم بعدها، فقد كان له جهاز سري يُشبه ما نسميه في زماننا الآن جهاز المُخابرات مع اختلاف الأهداف، فقد كان الجهاز السري الذي أنشأه عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هدفه الأول حماية الدولة، ومُتابعة الولاة.
وكان إذا أرسل ساعي البريد إلى الولاة الذين عينهم في مُختلف الولايات، يأمره أن يُنادي في الناس ليسألهم إن كان منهم من يُريد أن يوصل إلى أمير المُسلمين رسالة، فيطَّلع على هذه الرسائل، فمن كانت له مظلمة أو شكوى نظرَ في أمره بنفسه.
الفكرة من كتاب عندما التقيت عمر بن الخطاب
“لَو كَانَ مِن بَعدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ”.. كيف لنا ألا نُصدِّق هذه العبارة في عُمر وقد قالها من لا ينطِقُ عن الهوى؟ قالها فيه رسول الله (ﷺ)، وكان من قبلها قد دعا: “اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِأَبِي جَهْلٍ أَو بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ” فكان أحبُّهما إلى اللهِ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وإذا بدعوةِ النبي (ﷺ) تنقلهُ من دارِ النَّدوة إلى دارِ الأَرْقَمِ!
لتبقى لنا سيرته خالِدة حتى اليوم دليلًا واقعيًّا يؤكِّد لنا ما قد يفعل الإيمان إذا نزل بقلبِ رَجُلٍ فَتَمَكَّن مِنهُ، فمن ذا الذي كان يُصدِّق أن الرجُل الذي يَصنَع من التمرِ صنمًا ليعبُده، هو نفسه الذي سيكون إسلامه فتحًا، وهجرته نصرًا، وخِلافتهُ رحمة؟ إننا هُنا بصددِ الحديثِ عن عُمَر، عُمَر هازِم كِسْرَى وقَيْصَر، ولكِنّه من قبل ذلك عُمَر صاحِب رسول الله (ﷺ)، وكفى بهذا شرفًا.
مؤلف كتاب عندما التقيت عمر بن الخطاب
أدهم شرقاوي: كاتِبٌ فلسطيني الأصل، وُلِد ونشأ في مدينة “صور” في لبنان، حصل على دبلوم التربية الرياضية ودبلوم المُعلمين من الأونيسكو، وحصل على ماجستير في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية في بيروت، أُصدِر أول كتاب له عام 2012م، ثم تلاه عديد من المؤلفات، ومنها:
للرجال فقط! مبادئ للتعامل مع النساء.
أنتِ أيضًا صحابية.
رسائل من القرآن.