الدولار والذهب
الدولار والذهب
يعد الدولار الأمريكي الورقة النقدية الأشهر في تاريخ النقد العالمي، تلك الورقة الخضراء كفيلة بإقامة دول وإسقاط أخرى، لذا تسعى جميع الدول إلى حيازة أكبر قدر ممكن منها لتحقيق ما يسمى بالأمان المالي، وخلال التاريخ الحديث يمكن القول إن الدولار الأمريكي استطاع بذكاء أن يُحيِّد دور الذهب وأن يخرجه إلى مقاعد الاحتياط –ولو مؤقتًا– ليصبح اللاعب الأشهر في ملعب النظام المالي بأكمله.
ومن ثمَّ يُعد الذهب المناوئ الحقيقي لسيطرة الدولار، ولذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على محاربته والحفاظ على سيادة تلك الورقة الخضراء، فهي بلا شك أحد أقطاب السيادة الأمريكية على العالم، إلا أنه في الوقت ذاته ترتبط قيمة الدولار الأمريكي بصورة كبيرة بالذهب ومستويات التضخم وارتفاعات الأسعار وسياسات القطيع في المجتمع، وتبدأ أوراق الدومينو بالسقوط حين تبدأ الأحوال الاقتصادية بالاضطراب، ويحدث ما يسمَّى بالذعر المالي فيهلع الأفراد إلى شراء الأصول الثابتة طلبًا للأمان المالي، فترتفع قيم تلك الأصول، وبالتالي ترتفع مستويات التضخم وقيم الأسعار، لكن ما يقلق صناع القرار في ذلك الوقت هو تخلخل الثقة في تلك الورقة الخضراء، وحينها يكون النظام المالي بأكمله على المحك!
فالضامن الحقيقي لاستمرار تلك اللعبة المالية هو مدى تفضيل الأفراد الأوراق النقدية على الذهب، ولذا لا تتورَّع البنوك المركزية عن شنِّ الحروب على هذا المعدن النفيس، ولذا تجد عملية الاستثمار في الذهب العديد من الصعوبات، وقد تتعرَّض في بعض البلدان إلى رفع دعاوى قضائية إذا تخطَّت مستويات معينة، في حين تفتح تلك البنوك الباب على مصراعيه للاستثمار في قروض الرهن العقاري وسندات الحكومة المتعثرة، والتي كانت سببًا في كوارث اقتصادية بعد ذلك إحداها أزمة مالية عالمية والثانية كارثة اقتصادية لليونان، باختصار يمكن القول إن الولايات المتحدة تخسر نفوذها عندما يكون الدولار ضعيفًا، لذا فهي مضطرة دائمًا إلى الضغط على الدول والتحكم في أسواق الذهب.
الفكرة من كتاب الانهيار الكبير: حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي
اللعبة ستنتهي يومًا ما، الكل يعلم تلك الحقيقة مسبقًا ولكن مع ذلك يستمرون في اللعب! فالأوراق البنكية التي نتعامل بها اليوم بيعًا وشراءً ليست من المال في شيء، فما هي إلا مجرد لعبة تم إجبار العالم على اللعب وفقًا لقواعدها، ومما ساعد على استمرارها حتى وقت قراءتك لتلك الكلمات هو أن فئة قليلة من المهتمين بالشأن المالي هم من يعرفون الحقيقة، ولكي تعرف ما أرمي إليه بعد تلك المقدمة فهيا لأحكي لك الحكاية من بدايتها.
مؤلف كتاب الانهيار الكبير: حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي
ويليم ميدلكوب : هو رجل أعمال ومعلِّق سابق في سوق الأوراق المالية، وُلِد في أغسطس عام 1962م في سويسرا لأبوين هولنديين، وتعلَّم صناعة الملابس في أمستردام وعمل بين عامي 1980 و2000 مصورًا صحفيًّا، وبين عامي 1998 و2000 كان رئيس تحرير الصور في جريدة محلية، بالإضافة إلى ذلك عمل ميدلكوب لفترة وجيزة كمراسل في عام 1991 أثناء بدء قناة مدينة أمستردام AT5، وبدأ بعد ذلك رحلة استثمار في العقارات، كما أسَّس متجرًا للراغبين بالاستثمار في الذهب، وهو أيضًا عضو المجلس الاستشاري لمركز الأبحاث الاقتصادي بلندن.
له العديد من المؤلفات، ومنها: “عندما ينخفض الدولار”، و”أزمة النفط الدائمة”، و”النجاة من أزمة الائتمان”.
معلومات عن المترجم:
ابتسام محمد الخضراء: قامت بترجمة العديد من الأعمال، ومنها “الانهيار الكبير”، و”السعادة: مقدمة مختصرة جدًّا”، و”السببية: مقدمة شديدة الاختصار”.