الدمار يجلب الازدهار

الدمار يجلب الازدهار
إذا نظرنا إلى تاريخ البشرية فسنجد صفحات ممتلئة بالكوارث الطبيعية مثل البراكين والفيضانات والزلازل، وقد نجحنا في التكيّف والتأقلم معها، فمهما كانت الصدمة مدمرة وسريعة فإننا نتعافى بعدها، محاولين استنتاج الدروس المستفادة من الكارثة، مطبقين مقولة “الدمار يجلب الازدهار”، وتوجد على ذلك عدة أمثلة، أشهرها حريق شيكاجو عام 1871م، الذي تسبب في تحوّل البيوت الخشبية إلى مساكن من حجر وحديد، لتقفز الولاية الأمريكية نحو التطوير بسرعة أكبر، كأن الحريق دفعها إلى دفع تكلفة النجاة.

تؤكد دراسة ديفيز | Davies وفاينشتاين | Feinstein الاعتقاد نفسه، إذ استنتجت أن المدن الناجية من الحروب والقصف تنمو بمعدلات أكبر من المدن العادية، مثلما حدث في اليابان وألمانيا وفيتنام، بل وتزيد معدلات الهجرة إليها، أما إذا نظرنا إلى تهديدات المناخ مثل إعصار كاترينا الذي ضرب نيو أورليانز، فإن التغطية الإعلامية الكبيرة أسهمت في تركيز الضوء والجهود على إعادة البناء، فبلَغَت المساعدات الحكومية 120 مليار دولار، خلقت فرصًا جديدة للقطاع الخاص لإعادة الإعمار والتطوير وبناء مرافق خدمية أفضل وأكثر ممانعة.
تُوجَّه بعض الانتقادات إلى حملات إصلاح المناطق المعرضة للخطر، وتدعو إلى تركها والرحيل بعيدًا، فما الفائدة من إعادة بناء المنطقة نفسها بعد الإعصار أو الفيضان، وتعريض مزيد من الناس لخطر الهلاك؟! لِمَ تجازف الحكومة بتوفير الدعم والحماية مستغلّة الطبيعة البشرية المتغافلة؟! تكمن إحدى فلسفات مواجهة التغيرات المناخية في توزيع الثروة على المتضررين، فرغم كوننا جميعًا على السفينة نفسها، فإننا لا نتعرض لدرجة الخطر نفسها، ومن ثم تختلف تضحياتنا.
الفكرة من كتاب المدينة المناخية.. كيف لمدننا أن تزدهر في مستقبل أشد حرًّا؟
لو عُرِضَ عليك بيتٌ يطفو إذا حدث فيضان، هل ستُهرعُ لشرائه أم ستتهم المعماري بالجنون؟ قبل أن تندفع في الإجابة فكّر في تغيّرات المناخ، واعلم أن أحد أكبر تهديداته هو الفيضان، عندها سوف يبدو ذلك المعماري عبقريًّا لأنه استبق الأحداث الكارثية، ومن الممكن أن تفكّر في عرضه.
تحتل قضية التغيرات المناخية مكانة أساسية في جميع النقاشات المعاصرة، هل أفسدنا الكوكب؟ هل فات أوان الإصلاح؟ أنسير إلى الهاوية أم من الممكن أن ننجو؟ سنناقش تلك الأسئلة من وجهة نظر متفائلة يؤمن بها الاقتصاديون، بأن البشرية قادرة على التأقلم والنجاة من التغيرات والصدمات، فما الخطوات التي علينا أن نخطوها لنحقق ذلك الهدف؟ وكيف ستبدو الحياة في عالمٍ أشد حرارة في المستقبل؟
مؤلف كتاب المدينة المناخية.. كيف لمدننا أن تزدهر في مستقبل أشد حرًّا؟
ماثيو إي. خان | Matthew E.Khan: عالم اقتصاد وأكاديمي أمريكي، وُلد في مدينة نيويورك في عام 1966م، حاز درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية هاميلتون في عام 1988م، بالإضافة إلى البكالوريوس في التاريخ الاقتصادي من كلية لندن للاقتصاد، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة شيكاجو عام 1993م.
عمل أستاذًا مساعدًا في جامعة كولومبيا وتقدم في المراتب حتى أصبح أستاذًا مشاركًا، ثم انتقل إلى جامعة تافتس وشغل منصب أستاذ مشارك في الاقتصاد، ثم انضم إلى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس حيث عمل في معهد البيئة والاستدامة في عام 2006م واستمر حتى عام 2015م، ثم انتقل إلى جامعة جنوب كاليفورنيا، وأصبح رئيسًا للقسم في عام 2017م، ثم في يوليو 2019 انضم إلى جامعة جونز هوبكنز بصفته أستاذ بلومبرج المتميز للاقتصاد والأعمال.
بالإضافة إلى تدريسه في مؤسسات تعليمية عالية، عمل خان زائرًا في جامعات بارزة مثل هارفارد وستانفورد، وكان نشطًا في الأبحاث بصفته باحثًا مشاركًا في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية وزميلًا باحثًا في IZA، كما يشغل دور محرر مشارك في مجلة Urban Economics، وله مؤلفات عديدة، مثل:
Adapting to climate change: markets and the management of an uncertain future
Fundamentals of environmental economics
معلومات عن المترجم:
أحمد حيدر: مفكّر سوري ولد في قرية عين البيضا التابعة لمدينة اللاذقية السورية عام 1928م، تخرج في قسم الفلسفة من الجامعة عام 1955م، وألّف عديدًا من الكتب، وكتب عشرات المقالات في بعض وسائل الإعلام، من أشهر كتبه:
في البحث عن جذور الشر.
العطالة والتجاوز.
كما ترجم كتبًا مثل:
جرائم المستقبل.
الفتى هاينريش.