الدعوة والمناصب السياسية
الدعوة والمناصب السياسية
من مشكلات اختلاط مساحات السياسة والدعوة، أن الأمراء وهم أصحاب المال والسلطة، قد يعظمون اللهو والعبث ويغرقون الشعوب فيه، فالسلطة تحكم المعرفة كما يقول فوكو، بينما العلماء يلتزمون الصمت عن كل ما يضعف الأمة ويجعلها تابعة للغرب في كل تفصيلة، وهم لا يملكون القوة لقول كلمة الحق.
على الرغم من ذلك فإن من المتفهَّم أن يختلف حديث الدعاة إن كانوا يشغلون منصبًا سياسيًّا، فهم بحاجة إلى موازنة الحديث واختيار كلماتهم بعناية تحقيقًا لمصالح أبعد، وكثيرًا ما ينقم الناس على ذلك، ولكن خلاصة القول ألا يبالغ الداعية في المدح لأي جهة كانت، وأن يتفهَّم الناس حاجته إلى الموازنة، وأنه ليس من مصلحة أي أحد أن يتخذ بطولة موهومة بمواقف حادة، وإدراك أنه ليس على الجميع أن يتصدَّر لأخذ موقف من الأنظمة الحاكمة، فربما كان الداعية منشغلًا بعمل خيري أو اجتماعي كبير، والخير أن يركز فيه وينميه مبتعدًا عن الصدام.
دائمًا ما كان للممارسة الدور الأكبر في فهم العمل السياسي، ولا أسوأ من تافهي السياسة من العاملين بالدعوة الذي خلطوا الأمور وأثاروا الفتن وضيعوا المصالح، فاطلاعهم سطحي سريع غير ذي فهم ولا خبرة، فيفسدون أكثر مما يصلحون، فالأمر لا يتعلق فقط بالانتخابات والحوادث الكبرى والحروب، وإنما بفقه المصالح والأولويات، والتعامل مع الأزمات في كل بلد حسب معطياته، لذا لا بد من القراءات المتعمقة الواعية للتاريخ السياسي وسير رجال ذلك الميدان، وتوفير خلاصة تلك القراءات للشباب، وأخذ خطوات عملية، وإنشاء مراكز للفكر السياسي على منهج علمي عملي واقعي بعيدًا عن الشعارات الرنانة المؤدلجة، لتقوم بالتحليل والرصد والتدريب.
الفكرة من كتاب خطوات نحو التجديد
إن الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى طريقه، هي أعلى ما قد يطمح إليه المرء، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.
وفي ظل التغيرات والمستجدات المتسارعة التي يعيشها جيل اليوم، ويلمسها كل المنشغلين بالفكر والدعوة، يرى الكاتب أن من المهم والصحي أن نتشارك همومنا وأسئلتنا لنعي الحاضر ونستعد للمستقبل والعمل له، وعرض أفكاره عن مشكلات المفكرين والدعاة على قسمين؛ تجديد الوعي، وتجديد الدعوة.
مؤلف كتاب خطوات نحو التجديد \
علي بن حمزة العمري، داعية سعودي، ولد عام 1973م، حاصل على دكتوراه في الفقه المقارن، وماجستير في أصول الفقه، رئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس مجلس إدارة مركز فورشباب للدراسات والبحوث والتطوير، حاصل على لقب سفير السياحة العربية، ألف أكثر من ٧٠ كتابًا، وله العديد من البرامج الفضائية.
ومن مؤلفاته:
مشكلات وحلول في حياة الشباب.
سلفي في كافيه.
النقد الدعوي مراجعة لا رجوع.
الصحة الإيمانية.