الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله
كانت دعوة الإسلام تقوم على أربعة محاور: عبادة إله واحد لا شريك له، ووجود حياة أخرى بعد الموت تعتمد على حساب السيئات والحسنات، ووجود عبادات ترقِّي الروح وتحسن للآخرين ولا تتعدَّى على حقوقهم، والمحور الرابع كان منبع الخلافات وهو تماسك الجماعة، أن يكون الجميع إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، وهذا ضد النظام القبلي، بالنسبة لهم كيف يجتمع أصحاب الشرف والجاه مع العبيد؟
ولكن ماذا يجذب الآخرين إلى هذا الدين؟ لم يكن الضعفاء يحتاجون إلى الكثير من المعجزات والتبريرات، يكفيهم أن يشعروا أن هناك إلهًا واحدًا، يراهم بشرًا لا يميز أحدًا بلونه أو بنسبه، لا يوجد في شرعه كره ولا عصبية، الناس كلهم سواسية، كانت هذه الأسس سبب دخول الكثيرين وتمسُّكهم بالدين واحتمالهم للعذاب الذي بدأت فيه قريش!
وضعت قريش كل الحواجز أمام هذا الدين أن ينتشر فهاجموا الرسول وأتباعه، وأغلقوا كل سبل الوصول إلى أقوام أخرى حتى لا تنتشر الرسالة، ولم يكن مع هذه الرسالة أية معجزات؛ فقط أفكار منطقية، ويرى الكاتب أن كثيرًا من الرسالات انتهت رغم وجود المعجزات مع الأنبياء وهذا لم يكن بسبب فشلهم في إيصال الرسالة ولا ضعف منطقهم ولكن بسبب تعنُّت عاطفي من قبل الناس، فالرسالة وحدها دون أية معجزات عبقرية ومنطقية للغاية حتى جاء القرآن.
كانت الدعوة سرية، ومن كان يتجرَّأ ويفصح بها كان ينال أشد ألوان العذاب، حتى سمع حمزة عم الرسول، أن أبا جهل قد تعرَّض للرسول وسبَّه، فتوجَّه إليه ليعاقبه وقال له: أتسبُّ محمدًّا وأنا على دينه؟ وهذا بعد أن أعطى حمزة لنفسه فرصة ليسمع الرسول ويتأمَّل في قوله حتى عرف أنه الحق وآمن به، لكن رجلًا واحدًا لم يكن كافيًا لإظهار الدعوة، وكانت الخطوة التي تدعم الجهر بالدعوة هي إسلام عمر بعد حمزة، وقد سُمِّي الفاروق لأنه بإسلامه أحدث فارقًا كبيرًا في أمر الدعوة، وأصبحت جهرية.
كثيرًا ما ندعو أصحاب الديانات الأخرى لينظروا في ضعف عقائدهم ويعيدوا البحث عن العقيدة الصحيحة، رغم أننا مثلهم ورثنا الدين، فلماذا لا نبدأ بأنفسنا ونتحرَّى حقائق الدين الذي لا نعرفه حق المعرفة؟
الفكرة من كتاب الأعظم.. قصة النبي محمد (ﷺ)
لو أن شخصًا ما ظهر في عصرنا الحالي يدعونا لنترك دين آبائنا وأجدادنا ونتبع ما يخبرنا به لما صدقناه ولاتهمناه بالجنون! تخيَّل معي أنك ولدت في الجزيرة العربية، وكانت العبادة السائدة وقتها هي عبادة الأصنام، التي كانت دين آبائك وأجدادك، ودينك بالوراثة، وفجأة ظهر شخص يدعو الناس إلى دين آخر، يخبرهم أن الأصنام التي يعبدونها لا تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا، وأن هناك إلهًا واحدًا، هو الخالق وليس الآلهة التي تصنعونها، وأن هناك دار الحساب بعد الموت؛ هناك حياة أخرى!
هل لو كنت موجودًا حينها ستترك دين آبائك وأجدادك؟ هل ستفكر حتى أنك على خطأ؟ الوصول إلى الحقيقة ليس بهذه السهولة التي نتخيَّلها الآن، الأمر يحتاج إلى تفكير.. يحتاج إلى شك.. يحتاج إلى قائد عظيم ومربٍّ فاضل، كيف تكون الشخصية التي استطاعت أن تقلب موازين العالم؟ هذا ما سنتحدَّث عنه في هذا الكتاب، حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولكن في جانب واحد من جوانبها، جانب القيادة والكفاح.
مؤلف كتاب الأعظم.. قصة النبي محمد (ﷺ)
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار “أجيال” للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.