الداروينية الاقتصادية
الداروينية الاقتصادية
تنسب النظرية الداروينية إلى العالم البيولوجي تشارلز داروين والذي أثار كتابه الموسوم بـ”أصل الأنواع بواسطة الانتقاء الطبيعي” هزة عنيفة في الأوساط العلمية ما زال صداها مسموعًا إلى اليوم، وتتلخَّص فكرة الكتاب في أن البقاء دائمًا للأقوى، فالتطوُّر يجعل الأنواع تتحوَّل من أشكال بدائية إلى أشكال أكثر تعقيدًا وغموضًا من خلال مراحل متنوعة من الطفرات، وعلى ذلك فالأنواع الجيدة هي فقط التي تستطيع البقاء لاستطاعتها الانتصار والتغلب على الظروف والمتغيرات البيئية.
ولكي نفهم القصة من بدايتها، نرجع قليلًا إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حينما ظهرت قوتان عظميان وانقسم العالم إلى مذهبين اقتصاديين أحدهما رأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والآخر اشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق، ودخل الفريقان معترك الحرب الباردة كان الاقتصاد في القلب منها، لكن وبعد نحو نصف قرن تقريبًا من السجال المتبادل انهار السوفييت وعندها غزت الرأسمالية العالم دون أية كوابح أو عراقيل، وبدأ يتردد من جديد اسم آدم سميث وكتابه الثوري “ثروة الأمم” الذي أصبح إنجيل الاقتصاديين وقدس الأقداس عندهم بلا منازع، وصارت السوق على إثر ذلك بمثابة قانون داروين الطبيعي الذي يحدد أي الوحدات الاقتصادية تصلح للمنافسة والبقاء وأيها لا.
فانعكست بذلك تلك المفاهيم عن الثنائية والصراع والتطور على الواقع الاقتصادي المعاصر، وأضحى الصراع والتنافس في السوق أمرًا طبيعيًّا حيث يصبح النجاح من نصيب الأقوى والإفلاس والبطالة من نصيب الأضعف، وبدأ يحدث ثمة تناظر بين قوانين الطبيعة القاسية وبين قوانين الاقتصاد المجردة عن الأخلاق، وتطبيقًا على ذلك نجد أن التكنولوجيا الصناعية اليوم والتي تغلغلت في شتى مناحي العمليات الإنتاجية، كانت سببًا مباشرًا في فقد الكثير من طبقة البروليتاريا وظائفهم لصالح تلك الآلات الذكية نتيجة للميزة النسبية التي تتمتع بها التكنولوجيا المعاصرة اليوم، ونتيجة لذلك ظهر لنا ما يسمى “البطالة التكنولوجية” التي تعد أحد منتجات الداروينية الاقتصادية.
الفكرة من كتاب أسطورة التنمية وقوى التدمير الخفية
“التنمية لا تتعدَّى كونها أسطورة تساعد الدول المتخلفة على إخفاء أوضاعها التعيسة والدول المتقدمة على إراحة ضمائرها”.
من الناحية النظرية، تكمن الوظيفة الأساسية للتنمية الاقتصادية في مساعدة البلدان المأزومة على تلافي ما تعانيه من مشكلات، ولكن أظهرت تجارب الدول، باستثناء بعض النماذج القليلة الناجحة، أنها تشبه في واقعها غزوات جيوش متحاربة، فباسم التنمية تُنتهك سيادة الدول، وتُجبر على تنفيذ إجراءات ترفضها الأغلبية العظمى من المواطنين، وتخلِّف وراءها مساحة عريضة من خراب اقتصادي واجتماعي، لكن كيف كان هذا؟ وبأي وجه تصبح التنمية سببًا في تعريض بني البشر لمصائب لا توصف في زمننا هذا؟ ولمصلحة من يا ترى؟ إن الحصول على الجواب الشافي عن كل هذه الأسئلة هو الهدف الذي يسعى هذا الكتاب إلى تحقيقه.
مؤلف كتاب أسطورة التنمية وقوى التدمير الخفية
أزوالدو دو ريفرو Oswaldo de Rivero: دبلوماسي متقاعد، وُلد في 2 أغسطس 1936 في بيرو، درس القانون في جامعة كاتوليكا وحصل لاحقًا على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من أكاديميا ديبلوماتيكا في بيرو، كما أجرى دراسات عليا في المعهد العالي للدراسات الدولية، شغل منصب الممثل الدائم للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، وسفير بيرو لدى منظمة التجارة العالمية، كما شغل سابقًا في حياته المهنية عدة مناصب في لندن وموسكو وجنيف.
قام بتأليف كتب عن التنمية الدولية تُرجمت إلى عدة لغات منها: “النظام الاقتصادي الجديد وقانون التنمية الدولية”، “أسطورة التنمية: الاقتصادات غير القابلة للحياة في القرن الحادي والعشرين”، “أسطورة التنمية”.