الخوف من اللقاحات
الخوف من اللقاحات
في عام 1962 انتشر مرض الحصبة، الذي أدى إلى إصابة البعض بالعمى، والبعض الآخر بالتلف الدماغي، ولم يكن له لقاح، وكانت النتيجة الفتك بقرابة 100 طفل في المملكة المتحدة، وأكثر من 400 طفل في أمريكا كل عام، كما كان يوضع بسبب الحصبة عشرات الآلاف في المستشفيات، وفي عام 1963 تم اكتشاف لقاح له في الولايات المتحدة، وأجيز استخدامه، فهبط عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالحصبة، وأصبح لدينا تطعيم ثلاثي ضد الحصبة والتهاب الغدة النكفية والحصبة الألمانية الذي أنقذ نحو 50 مليون شخص حول العالم بين عامي 2000 و2013، لكن للأسف، كان التطعيم مثار جدل محتدم في أواخر التسعينيات، وأصبح هناك خوف شديد منه، وتحوَّل الجدل إلى فكر مؤامراتي حول تطعيم الحصبة!
بدأت القصة في المملكة المتحدة، بعد أن وصلت نسبة أخذ اللقاح في العام الأول أكثر من 90%، إلى أن نشر طبيب يُدعى “أندرو ويكفيلد” مع فريق باحثين دراسة زعم فيها أن التطعيم الثلاثي له دور في إصابة الأطفال “بالتوحُّد”، ورغم أن النتائج غير كافية، فإن ويكفيلد أخذ دراسته إلى وسائل الإعلام ودعا إلى سحب اللقاح على الفور، وبالفعل تأثَّر الآباء بوسائل الإعلام وما روَّجت له بعلاقة تطعيم الحصبة بالتوحد، فبدأت معدَّلات أخذ اللقاح تتراجع بشكل طفيف حتى عام 2000 عندما انتشر الخبر بشكل أوسع وأخذ يؤثر بشكل أقوى، فأخذت معدلات أخذ اللقاح تنخفض بشدَّة، وقد أدَّى ذلك إلى تفشِّي الأمراض الثلاثة التي يقي منها اللقاح.
بعد ذلك تبيَّن أن كل الجدل الدائر حول تسبُّب التطعيم الثلاثي في التوحُّد كان مجرَّد كذبة! إذ تمَّ اكتشاف أن ويكفيلد قد شارك في طلب الحصول على براءة اختراع للقاح بديل زعم أنه أكثر أمانًا من لقاح التطعيم الثلاثي، كما حصل على نصف مليون جنيه إسترليني من شركة محاماة متخصِّصة في مجال الضرر الشخصي لإجراء هذه الدراسة، كما اتضح أن ويكفيد قد تلاعب بعناصر متعلِّقة بالتاريخ المرضي للأطفال الذين أجرى عليهم الدراسة، بما ينسجم مع نظرية التوحُّد الناتج عن التطعيم الثلاثي، وسُحِبَت الدراسة، وسُحِبَت رخصة مزاولة ويكفيلد للطب في المملكة المتحدة، ورغم الكشف عن الحقيقة، إلى جانب كشف العديد من الدراسات المستقلة على مئات الآلاف من الأطفال في العديد من القارات عدم وجود علاقة بين التطعيم الثلاثي والتوحُّد، فإن المملكة المتحدة أعلنت الحصبة وباءً فيها عام 2008! وفي عام 2013 ظهرت نوبة تفشٍّ أخرى للحصبة، وما زال هناك أناس يرفضون التطعيم الثلاثي ويعتبرونه مؤامرة!
الفكرة من كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
يرى عدد من الناس أن هناك مؤامرة خلف كل شيء يحدث من حولهم، إذ تسيطر نظريات المؤامرة على عقولهم، وطريقة تفكيرهم، والذين ينسجون نظريات المؤامرة ليسوا فئة واحدة، بل تتدرَّج مرتباتهم، وتجدهم في كل مكان، فمنهم أساتذة وجامعيون، وحاصلون على جائزة نوبل، ورؤساء دول! إن أعدادهم أكثر مما تتوقَّع، وعلى الأرجح أنك تعرف البعض منهم، بل لعلَّك من بينهم! ومن هنا يبحث المؤلف في التفكير الذي يقف وراء نظرية المؤامرة، ويكشف عن الكيفية التي نقرِّر بها أن شيئًا ما معقول وآخر عبثي، ولماذا يُصدِّق بعض الناس أشياء يرى سواهم أنها غير معقولة وغير قابلة للتصديق، مُستعينين في ذلك بعلم النفس.
مؤلف كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
روب براذرتون : هو عالم نفس أكاديمي، وكاتب علمي، حصل على درجة الدكتوراه في علم نفس نظريات المؤامرة، كما قام بتدريس محاضرات عن الأسباب التي تدفع الناس إلى تصديق الأشياء الغريبة، كما أنه عضو في وحدة أبحاث علم نفس الخوارق بكلية “جولد سميث” بجامعة لندن، ولديه موقع خاص يكتب فيه عن نظريات المؤامرة، وهو موقع Conspiracypsychology.com.
معلومات عن المترجم:
هاني فتحي سليمان: مترجم، حصل على بكالوريوس التربية قسم اللغة الإنجليزية، عمل في مؤسسة هنداوي في وظيفة مراجع ترجمة، ويعمل حاليًّا في وظيفة مراجع أوَّل، ترجم وراجع العديد من الكتب بلغت 60 كتابًا إلى اللغة العربية، من كتبه المترجمة:
شركة المستقبل.
الكواكب.. مقدمة قصيرة جدًّا.
ماجستير في إدارة الأعمال في يوم واحد.
يمكنك أن تتواصل.
آراء فينر في القيادة.
الثروة التلقائية.