الخلق من نفس واحدة
الخلق من نفس واحدة
المرأة بداهةً هي أنثى الإنسان وكل إنسان إنما هو نفس، والنفس هي الجوهر، وقد خلق البشر كل البشر من نفس واحدة ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾، ولا يمكن الزعم بأن آدم هو الأصل، وإنما هو أصل زمني وليس أصلًا وجوديًّا، ومرد البشر ذكرانًا وإناثًا إنما هو إلى أصل واحد.
وقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة من حيث كونهما نفسًا في عموم التكليف ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ﴾، فكان المقياس كون هذه النفس عاملة أم لا من حيث المسؤولية وحمل الأمانة بصرف النظر عن جنسها، والاختلاف في بعض التشريعات، إنما يرجع إلى التكامل الذي خلق الله به علاقة الرجل والمرأة لا لعلو أو دنو أحدهما على الآخر، هذا التكامل الذي يجعل بينهما احتياجًا فطريًّا مستمرًّا يجعل التقاءهما ضرورة حتمية تضمن استمرار الحياة.
وللإنسان صورتان نفسية وجسمانية، ويخاطب القرآن الإنسان بصفته نفسًا دون تمييز بين ذكر وأنثى في مواضع كثيرة تتعلق بالتكليف أو التكوين، فالنفس إذًا محل الخطاب الإلهي وهي جوهر الإنسان، ولذا عني الإسلام بها وبجمالها وارتقائها، ولهذا فرض الستر على المرأة حتى لا تغلب الصورةُ الجسمانية الصورةَ النفسانية، أو حتى لا تطغى الصورة على النفس، وهذا لما في صورة المرأة من جمال خاص حباها به الله وجعل في الرجل انجذابًا إلى تلك الصورة، لغرضين أحدهما أصل والآخر تابع، أما الأصل فهو استمرار النسل وهو إحدى الضرورات في المقاصد الشرعية، والغرض التابع هو الاستمتاع بالشهوة الحلال، ولما تحولت الشهوة إلى محرك أساسي وانكشفت الصورة في غير محلها وطغت على النفس غرق الإنسان في البهيمية ودنا عما كرمه الله عنه.
الفكرة من كتاب سيماء المرأة في الإسلام
في ظل كثرة الدعاوى الموجهة للمرأة وتضاربها ينطلق المؤلف في دراسة تتناول المرأة في الإسلام من وجهين: من حيث كونها نفسًا إنسانية مكتملة، ومن ناحية الصورة أو الهيئة ودلالات تلك الهيئة في الشريعة، معلنًا أن منهجه في كتابه الانطلاق من آيات القرآن وفهم خطاب الله (عز وجل)، وصحيح الأحاديث فقط. والسيماء تعني العلامة أو الرمز الدال على معنى مقصود.
مؤلف كتاب سيماء المرأة في الإسلام
فريد الأنصاري (1960- 2009): عالم دين وأديب مغربي، حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص أصول الفقه، كان عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ومؤسس موقع “الفطرية”، وهو موقع دعوي يسعى إلى إعادة الاعتبار لمركزية القرآن الكريم واعتماد منهجيته في الدعوة والتربية.
ومن أبرز مؤلفاته:
جمالية الدين.
بلاغ الرسالة القرآنية.
مجالس القرآن من التلقي إلى البلاغ.
أبجديات البحث في العلوم الشرعية.