الخلاص من التبعية النفطية
الخلاص من التبعية النفطية
إن الثمن السياسي والأخلاقي المطلوب مقابل المحافظة على حرية الوصول إلى النفط الذي يستلزم نشر الجنود الأمريكيين، ثمن باهظ جدًّا، فهو إجبار للسياسة الأمريكية على التضامن مع قادة يعدون من الأكثر فسادًا واستبدادًا، إذ تزودهم أمريكا بالأسلحة والتدريب والدعم الدبلوماسي برغم تجاهلهم ورفضهم لتطبيق الديمقراطية، وهذا ما يجعل الولايات المتحدة في نظر ضحايا تلك الأنظمة داعمة للديكتاتورية مع التظاهر بعكس ذلك، وهو ما يزيد من السخط العربي والإسلامي ويهيئ الظروف لظهور الإرهاب ضد الولايات المتحدة.
فمن المهم أن يعي العالم كله أن مسألة الهبوط وبدايات النضوب للاحتياطيات النفطية، أمرٌ سيحدث عاجلًا أم آجلًا، ولذا يجب اتخاذ خطوات في طريق التحول إلى مصادر أخرى للطاقة غير النفط، إن هذا التفكير البديل قد يمنح أمريكا تحديدًا فرصة التحرر من التبعية التي تفرض عليها التزامات خارجية غير ملائمة لمبادئها.
ولتحقيق هذا الاستقلال يجب أولًا أن تفصل الإدارة الأمريكية بين مشترياتها من الطاقة، والتزاماتها الأمنية الخارجية، وثانيًا التقليل من الاعتماد على النفط الخارجي، والطريقة المضمونة لتحقيق هذا هي تخفيض الاستهلاك، وهذا يتحقق بإعادة النظر في قطاع النقل بالولايات المتحدة، الذي يستهلك ثلثي الطاقة المستوردة، وسيكون من المفيد اللجوء إلى استخدام النقل الجماعي للتنقلات اليومية والسفر بين المدن في ترشيد الاستهلاك، ومن الضروري أيضًا النظر في إمكانية التعاون الدولي لتطوير أنواع بديلة من الوقود، أما ثالث خطوات الاستقلال فهي التهيئة للتحول الجاد نحو الاقتصاد ما بعد النفطي،
وقبل تحقيق ذلك يجب اتخاذ القرار بتقديم المبادئ الأمريكية الأساسية على المصلحة الشخصية المباشرة، وينبه الكاتب الولايات المتحدة الأمريكية لأنها يجب أن تتخلص من الأعباء التي تتكلفها من أجل المحافظة على تدفق النفط، والوصول إليه في أي مكان بالعالم، بالطبع ليس بالتخلي تمامًا، وإنما بالتعاون مع دول أخرى في حماية تدفق النفط وليس على مسؤوليتها الخاصة.
الفكرة من كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
عند النظر إلى كثير من الصراعات والحروب في آسيا وإفريقيا، نجد أن الصراع العالمي في الحاضر والمستقبل هو صراع على الموارد النادرة، وليس كما قال صامويل هنتنجتون | Samuel P. Huntington إنه صراع هويات وحضارات، ومن تلك الموارد: الألماس والأخشاب، ولكن في كثير من الصراعات نرى النفط حاضرًا بقوة، وهو الأقدر من بين الموارد والثروات الطبيعية كلها على إثارة النزاعات والأزمات، وفي هذا الكتاب يحاول مايكل كلير توضيح أسباب اكتساب النفط هذا الحضور الكبير في الأزمات العالمية، وبجانب هذا درس السياسات الأمريكية الخارجية، واستنتج أن النفط -على عكس باقي الموارد- يعامل في الخطاب السياسي الأمريكي الرسمي بصفته مسألة أمن قومي، أي إنه يقع ضمن اختصاص وزارة الدفاع والهيئات المنوطة بحماية المصالح الأمريكية الحيوية.
يتتبع الكاتب تأثير النفط في السياسات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، ويتناول الأزمة التي تواجه الولايات المتحدة، من عدم كفاية آبارها، وتزايد استهلاكها، وطلبها على النفط الخارجي، وما تسببه الوسائل التي تلجأ إليها في تأمين هذا النفط، من رفعٍ لمستوى العداء والكراهية تجاه سياستها في الدول المنتجة للنفط.
مؤلف كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
مايكل كلير: كاتب أمريكي، يشغل منصب أستاذ الكلية الخامسة لبرنامج دراسات السلام والأمن العالمي في جامعة هامبشير في أمهرست، ويعمل مراسلًا حربيًّا لمجلة (The Nation) ويشارك أيضا في تحرير صحيفة (Current History).
مؤلفاته المنشورة:
السباق للفوز: بما تبقى من خيرات الطبيعة.
All Hell Breaking Loose: The Pentagon’s Perspective on Climate Change
Resource Wars: The New Landscape of Global Conflict
معلومات عن المترجم:
أحمد رمو: مترجم عمل في التدريس، وله عديد من الترجمات منها:
الرقص مع العمالقة: الصين والهند والاقتصاد العالمي.
أسس التعامل والأخلاق للقرن الواحد والعشرين.