الخطة الاقتصادية
الخطة الاقتصادية
قضت الخطة الاقتصادية للشيخ زايد بتبادل المصالح المادية دون إجحاف لأي طرف، لكن الدول الصناعية اضطرته إلى التوجه إلى زيادة أسعار البترول نتيجة لرفع صادراتها، وقد حاول أن تقوم العلاقة بين دول الأوبِك والدول المستهلكة على الالتزام وتحديد المسؤوليات، والالتزام هنا يعني التزام الطرفين، أما التزام طرف واحد فيعني أن تميل الكفة بغير اعتدال نحو الطرف الآخر، لذلك سعى في مفاوضات طويلة مع شركات النفط العاملة في البلاد من أجل أن تحكم بلاده سيطرتها على ثرواتها النفطية بعد أن كانت الشركات الأجنبية تتحكم في إنتاجها وتسعيرها،
وقد نجحت مساعيه واستخدم عائد ھذه الثروة في مكافحة الغلاء وتوفیر السلع بأسعار مخفضة عن طریق شركة الإمارات العربیة المتحدة للتجارة، كما ساهم بنك الإمارات للتنمية في تقدیم القروض والمساھمات في المشروعات الاقتصادیة، وتأسیس المشروعات الاستثماریة ثم بیعھا للمواطنین بعد تحویلھا إلى شركات مساھمة، وإمداد المستثمرین بالبحوث العلمیة ودراسات الجدوى اللازمة لنجاح مشروعاتھم.
لكن طبيعة البلاد الصحراوية كان لا بد لها أن تشكل عائقًا أمام أي زعيم يسعى إلى التنمية الاقتصادية، خصوصًا أن الخبراء الأجانب الذين استقدمهم أبدوا يأسهم من إمكانية تحويل رمال الصحراء إلى أرض خصبة، إلا أن الشيخ كعادته لم يكترث وقرر خوض التجربة، فأجرى بنفسه جولات تفقدية للجزر التي بإمكانها احتواء مشروعات زراعية وعمليات تنقيب عن المياه، بالإضافة إلى تسكين صيادي الأسماك وإقامة مشاريع الكهرباء والتعليم على تلك الجزر.
وحفرت وزارة الزراعة والثروة السمكية الآبار ووفرت البذور والأسمدة للمزارعين، وقدمت قروضًا إلى الصيادين لشراء ماكينات بحْرية وإمكانية صيانتها في الورش الحكومية، وكان للثروة الحيوانية أيضًا نصيب من العناية، إذ قدمت الخدمات البيطرية وروقِب المسلخ وأُجريَت التجارب لزيادة الإنتاج الحيواني.
الفكرة من كتاب أصول الريادة الحضارية: دراسة في فكر الشيخ زايد
طالما تمسكت الأمة بآمال القومية العربية وسعت في ذلك مساعي شتى، أصيبت على إثرها بخيبات أمل طاحنة كان آخرها سقوط الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961م، إلا أن الصحراء أخرجت من رجالها من اعتاد الزوابع والتقلبات فتحدى الواقع، ولم يمر عقد واحد بعد سقوط الوحدة المصرية السورية إلا وقد خطا أول خطوة حقيقية تجاه هدفه عام 1968م، حتى تم له الأمر عام 1971م وأعلن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن عبقرية الشيخ زايد لم تتوقف عند نجاحه في توحيد القبائل التي لم تَعتَدِ الخضوع لولي أمر، بل تبلورت عبقريته في الحفاظ على ذلك الاتحاد وتقويته دون سلب الحقوق، ومواكبة المستقبل دون التملص من التقاليد، والكثير من المتناقضات التي حققها وانفرد بها بين الحكام التقليديين.
ولعل معركة أكتوبر 1973م هي أول ما يفد إلى الذهن عند الحديث عن ذلك الرجل، إذ تجرأ بقطع البترول عن الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تساند إسرائيل، وقال مقولته الشهيرة “ما دام الدم العربي يسيل في أرض المعركة، فليس النفط العربي أغلى من الدم العربي”.
على كلٍّ، يمكن القول إن كثيرين تمكنوا من صنع التاريخ، لكن الشيخ كان من القلائل الذين ألبسوه صبغة عربية وإسلامية، لذلك استغرق د. نبيل راغب ثلاث سنوات في كتابة هذا الكتاب، درس فيها الجوانب التاريخية والديمقراطية والاقتصادية والإنسانية التي مكنت هذا الرجل من وضع حجر الأساس لدولة ستصبح أهم وجهة اقتصادية للعالم في ما بعد مع تمسكها بهويتها الإسلامية.
مؤلف كتاب أصول الريادة الحضارية: دراسة في فكر الشيخ زايد
نبيل راغب: (1940م – 2017م)كاتب وناقد ومترجم مصري، درس الأدب الإنجليزي في كلية الآداب جامعة القاهرة ونال شهادة الدكتوراه من جامعتي القاهرة ولانكستر بإنجلترا، عمل مستشارًا لوزارة الثقافة في مصر وأستاذًا زائرًا بجامعة إكستير بإنجلترا، له عدة مؤلفات تنوعت بين الرواية والنقد والفكر والفلسفة منها:
أدباء القرن العشرين.
دليل الناقد الأدبي.
دليل الناقد الفني.